فدعا له قيل: أن يتبين له أنه عدوّ لله كما سبق في سورة التوبة، وقيل: إنّ أباه قال له أنه على دينه باطناً وعلى دين نمروذ ظاهراً وتقيةً وخوفاً فدعا له لاعتقاده أنّ الأمر كذلك فلما تبين له خلاف ذلك تبرأ منه، ولذلك قال في دعائه ﴿إنه كان من الضالين﴾ فلولا اعتقاده فيه أنه في الحال ليس بضالّ لما قال ذلك، وقيل: إن الاستغفار للكفار لم يكن ممنوعاً إذ ذاك.
(٧/٤٠)
﴿ولا تخزني﴾ أي: تفضحني ﴿يوم يبعثون﴾ أي: العباد، فإن قيل: كان قوله: ﴿واجعلني من ورثة جنة النعيم﴾ كافياً عن هذا وأيضاً قال تعالى: ﴿إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين﴾ (النحل: ٢٧)
فما كان نصيب الكفار فقط كيف يخافه المعصوم؟ أجيب: بأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فكذا درجات الأبرار خزي المقرّبين وخزي كل واحد بما يليق به، ولما نبه عليه السلام على أنّ المقصود هو الآخرة صرح بالتنزيه في الدنيا بقوله:
﴿يوم لا ينفع﴾ أي: أحداً ﴿مال﴾ أي: يفتدى به أو يبذله لشافع أو ناصر وقاهر ﴿ولا بنون﴾ ينتصر بهم أو يعتضد فكيف بغيرهم، وفي استثناء قوله:
﴿إلا من﴾ أوجه: أحدها: أنه منقطع وجرى عليه الجلال المحلي أي: لكن من ﴿أتى الله بقلب سليم﴾ فإنه ينفعه ذلك، الثاني: أنه مفعول به لقوله تعالى: لا ينفع أي: لا ينفع المال والبنون إلا هذا الشخص فإنه ينفعه ماله المصروف في وجوه البرّ وبنوه الصلحاء لأنه علمهم وأحسن إليهم، الثالث: أنه بدل من المفعول المحذوف ومستثنى منه إذ التقدير لا ينفع مال ولا بنون أحداً من الناس إلا من كانت هذه صفته.