﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قال لهم شعيب﴾ برفق ولطف ﴿ألا تتقون﴾ الله الذي تفضل عليكم بنعمه ولم يقل أخوهم شعيب لأنه لم يكن من أهل الأيكة في النسب لأنهم كانوا أهل بدو وكان عليه السلام قروياً، لأنّ الله تعالى لم يرسل نبياً إلا من أهل القرى تشريفاً لهم، لأنّ البركة والحكمة في الاجتماع، ولذلك نهى النبي ﷺ عن التعرب بعد الهجرة وقال: «من يرد الله به خيراً ينقله من البادية إلى الحاضرة ولما ذكر مدين قال أخاهم شعيباً لأنه كان منهم وكان الله تعالى بعثه إلى قومه أهل مدين وأصحاب الأيكة، ثم أكد ما قاله بقوله:
﴿إني﴾ وأشار إلى تبشيرهم إن أطاعوه بقوله ﴿لكم رسول﴾ أي: من عند الله فهو أمرني أن أقول لكم ذلك ﴿أمين﴾ أي: لا خيانة عندي ولا غش فلذلك أبلغ جميع ما أرسلت به ولذلك تسبب عنه قوله:
﴿فاتقوا الله﴾ أي: المحسن إليكم بهذه الغيضة وغيرها ﴿وأطيعون﴾ لما ثبت من نصحي لكم، ثم ذكر ما ذكر من تقدّمه من الأنبياء من نفي ما يتوهم أنّ لهم رغبة في أجرة على دعائهم فقال:
﴿وما أسألكم عليه﴾ أي: دعائي لكم إلى الإيمان بالله تعالى ﴿من أجر﴾ ثم زاد في البراءة من الطمع في أحد من الخلق بقوله ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أجري إلا على رب العالمين﴾ أي: المحسن إلى الخلائق كلهم فأنا لا أرجو أحداً سواه، ثم نصحهم بقوله:
﴿أوفوا الكيل﴾ أي: أتموه إتماماً لا شبهة فيه إذا كلتم كما توفونه إذا اكتلتم ﴿ولا تكونوا من المخسرين﴾ أي: الناقصين لحقوق الناس في الكيل والوزن كما قال تعالى: ﴿ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون﴾ (المطففين: ١، ٢) أي: الكيل ﴿وإذا كالوهم﴾ (المطففين: ٢)
أي: كالوا لهم ﴿أو وزنوهم﴾ أي: وزنوا لهم ﴿يخسرون﴾ (المطففين: ٣)
ينقصون الكيل أو الوزن.
﴿وزنوا﴾ أي: لأنفسكم ولغيركم ﴿بالقسطاس﴾ أي: الميزان الأقوم وأكد معناه بقوله ﴿المستقيم﴾ وقيل: هو بالرومية العدل، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بكسر القاف، والباقون بالضمّ.
(٧/٦٤)