*حلائل أسودين وأحمرين*
وقال ابن عطية: جمع أعجم، يقال الأعجمون جمع أعجم وهو الذي لا يفصح وإن كان غربيّ النسب يقال له أعجم وذلك يقال للحيوانات، ومنه قوله ﷺ «جرح العجماء جبار» وأسند الطبريّ عن عبد الله بن مطيع أنه كان واقفاً بعرفة وتحته جمل فقال جملي هذا أعجم ولو أنه أنزل عليهم ما كانوا يؤمنون، ولما كان ذلك محل تعجب وكأنه ربما ظنّ له أنّ الأمر على خلاف حقيقته قرّر مضمونه وحققه بقوله تعالى:
﴿كذلك﴾ أي: مثل إدخالنا التكذيب به بقراءة الأعجم ﴿سلكناه﴾ قال ابن عباس والحسن ومجاهد: أدخلنا الشرك والتكذيب ﴿في قلوب المجرمين﴾ أي: كفار مكة بقراءة النبيّ ﷺ وهذا يدل على أنّ الكل بقضاء الله تعالى وقدره، وقيل: الضمير في سلكناه عائد إلى القرآن، قال ابن عادل: وهو الظاهر أي: سلكناه في قلوب المجرمين كما سلكناه في قلوب المؤمنين ومع ذلك لم ينجع فيهم، وفي جملة.
﴿لا يؤمنون به﴾ وجهان: أحدهما: الاستئناف على جهة البيان والإيضاح لما قبله، والثاني: أنها حال من الضمير في سلكناه أي: سلكناه غير مؤمن به أي: من أجل ما جبلوا عليه من الإجرام وجعل على قلوبهم من الطبع والختام ﴿حتى يروا العذاب الأليم﴾ أي: الملجئ للإيمان فحينئذ يؤمنون حيث لا ينفعهم الإيمان ويطلبون الأمان حيث لا أمان، ولما كان إتيان الشرّ فجأة أشدّ، قال تعالى:
﴿فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون﴾ بإتيانه.
﴿فيقولوا﴾ أي: تأسفاً واستسلاماً وتلهفاً في تلك الحالة لعلمهم بأنه لا طاقة به بوجه ﴿هل نحن منظرون﴾ أي: مفسوح لنا في آجالنا فنسمع ونطيع.
(٧/٧٣)


الصفحة التالية
Icon