﴿ولقد آتينا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿داود وسليمان﴾ ابنه وهما من أتباع موسى عليهم السلام وبعده بأزمان متطاولة ﴿علماً﴾ أي: جزأ من العلم عظيماً من منطق الطير والدواب وتسبيح الجبال وغير ذلك لم نؤته لأحد من قبلهما ولما كان التقدير فعملا بمقتضاه، عطف عليه قوله: ﴿وقالا﴾ شكراً عليه ودلالة على شرف العلم وتنبيهاً لأهله على التواضع ﴿الحمد﴾ أي: الإحاطة بجميع أوصاف الكمال ﴿لله﴾ أي: الذي لا كفء له ﴿الذي فضلنا﴾ أي: بما آتانا من النبوّة والكتاب وتسخير الشياطين والجنّ والإنس وغير ذلك ﴿على كثير من عباده المؤمنين﴾ أي: ممن لم يؤت علماً أو مثل علمهما، وفي ذلك تحريض للعالم أن يحمد الله تعالى على ما آتاه من فضله ويعتقد أنه وإن فضل على كثير فقد فضل عليه كثير، فلا يتكبر ولا يفتخر ويشكر الله تعالى، وينفع به المسلمين كما نفعه الله تعالى به، ثم إنه تعالى أشار إلى فضل سليمان بأنه جمع إلى ما آتاه ما كان منح به أباه بقوله تعالى:
(٧/٩٧)
﴿وورث سليمان داود﴾ أباه عليهما السلام دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابناً فأعطي سليمان ما أعطي داود من الملك وزيد له تسخير الريح وتسخير الشياطين، قال مقاتل: كان سليمان أعظم ملكاً من داود وأقضى منه، وكان داود أشد تعبداً من سليمان، وكان سليمان شاكراً لنعم الله تعالى ﴿وقال﴾ تحدّثاً بنعمة ربه ومنبهاً على ما شرّفه الله تعالى به ليكون أجدر في قبول الناس ما يدعوهم إليه من الخير ﴿يا أيها الناس علمنا﴾ أي: أنا وأبي بأيسر أمر وأسهله ﴿منطق الطير﴾ أي: فهم ما يريده كل طائر إذا صوّت، فسمى صوت الطير منطقاً لحصول الفهم منه كما يفهم من كلام الناس.
(٧/٩٨)


الصفحة التالية
Icon