﴿فتبسم ضاحكاً من قولها﴾ أي: لما أوتيته من الفصاحة والبيان وسروراً بما وصفته به من العدل في أنه وجنوده لا يؤذي أحداً وهم يعلمون، وبما آتاه الله من سمعه كلام النملة وإحاطته بمعناه تنبيه: ضاحكاً: حال مؤكدة لأنها مفهومة من تبسم، وقيل: هي حال مقدّرة فإنّ التبسم ابتداء الضحك، وقيل: التبسم قد يكون للغضب، ومنه تبسم تبسم الغضبان، فضاحكاً: مبيناً له، قال عنترة:

*لما رآني قد قصدت أريده أبدى نواجذه لغير تبسم*
وقال الزجاج: أكثر ضحك الأنبياء التبسم، وقوله: ضاحكاً أي: متبسماً، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعاً قط ضاحكاً حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم»، وعن عبد الله بن الحارث بن جبير قال: «ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله ﷺ، وقيل: كان أوّله التبسم، وآخره الضحك، ثم حمد الله تعالى على هذه النعمة وسأل ربه توفيق شكره لما تذكر ما أولاه ربه سبحانه وتعالى بحسن تربيته من فهم كلامها إلى ما أنعم عليه من غير ذلك ﴿وقال رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿أوزعني﴾ أي: ألهمني ﴿أن أشكر نعمتك﴾ وقيل معناه لغة: اجعلني أزع شكر نعمتك أي: أكفه وأمنعه حتى لا يفلت مني فلا أزال شاكراً، وأزع بفتح الزاي أصله: أوزع فحذفت واوه كما في أدع، ولما أفهم ذلك تعلق النعمة به حققه بقوله ﴿التي أنعمت عليّ﴾ وأفهم قوله: ﴿وعلى والديّ﴾ أن أمّه كانت أيضاً تعرف منطق الطير وإنما أدرج ذكر والديه لأنّ النعمة على الولد نعمة على الوالدين خصوصاً النعمة الراجعة إلى الدين فإنه إذا كان تقياً نفعهما بدعائه وشفاعته ودعاء المؤمنين لهما كلما دعوا له وقالوا رضي الله عنك وعن والديك.
تنبيه: الشكر لغة: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الشاكر أو غيره سواء كان ذكراً باللسان أم اعتقاداً أو محبة بالجنان أم عملاً وخدمة بالأركان، كما قال القائل:
(٧/١٠٦)


الصفحة التالية
Icon