﴿إني وجدت امرأة تملكهم﴾ وهي بلقيس بنت شراحيل من نسل يعرب بن قحطان، وكان أبوها ملكاً عظيم الشأن قد ولد له أربعون ملكاً هو آخرهم، وكان يملك أرض اليمن كلها، وكان يقول لملوك الأطراف ليس أحد منكم كفؤاً لي، وأبى أن يتزوج منهم فزوجوه بامرأة من الجنّ يقال لها ريحانة بنت السكن، فولدت بلقيس ولم يكن له ولد غيرها.
(٧/١١٣)
قال البغوي: وجاء في الحديث «أنّ أحد أبوي بلقيس كان جنياً فلما مات أبو بلقيس طمعت في الملك، فطلبت من قومها أن يبايعوها فأطاعها قوم وعصاها آخرون، وملكوا عليهم رجلاً وافترقوا فرقتين كل فرقة استولت على طرف من أرض اليمن، ثم إنّ الرجل الذي ملكوه أساء السير في أهل مملكته حتى كان يمد يده إلى حرم رعيته ويفجر بهنّ، فأراد قومه خلعه فلم يقدروا عليه، فلما رأت بلقيس ذلك أدركتها الغيرة فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه، فأجابها، وقال: ما منعني أن أبتدئك بالخطبة إلا إياسي منك، فقالت لا أرغب عنك أنت كفؤ كريم، فاجمع رجال قومي واخطبني منهم، فجمعهم وخطبها إليهم، فقالوا لا نراها تفعل ذلك، فقال لهم إنها قد ابتدأتني وأنا أحبّ أن تسمعوا قولها، فجاؤها فذكروا لها قالت نعم أحببت الولد فزوجوها منه، فلما زفت إليه خرجت في أناس كثير من حشمها، فلما جاءته أسقته الخمر حتى سكر، ثم جزت رأسه وانصرفت من الليل إلى منزلها، فلما أصبح الناس رأوا الملك قتيلاً ورأسه منصوب على باب دارها، فعلموا أنّ تلك المناكحة كانت حيلة مكر وخديعة منها، فاجتمعوا إليها وقالوا أنت بهذا الملك أحق من غيرك فملكوها».
(٧/١١٤)


الصفحة التالية
Icon