﴿قيل لها﴾ أي: قائل من جنود سليمان عليه السلام فلم يمكنها المخالفة ﴿ادخلي الصرح﴾ وهو سطح من زجاج أبيض شفاف تحته ماء جار فيه سمك اصطنعه سليمان، ولما قالت له الشياطين إنّ رجليها كحافر الحمار وهي شعراء الساقين، فأراد أن ينظر إلى ساقيها من غير أن يسألها كشفهما، وقيل الصرح صحن الدار أجرى تحته الماء وألقى فيه كل شيء من دواب البحر السمك والضفادع وغيرهما ثم وضع سريره في صدره وجلس عليه وعكف عليه الطير والجنّ والأنس، وقيل: اتخذ صحناً من قوارير وجعل تحتها تماثيل من الحيتان والضفادع فكان الواحد إذا رآه ظنه ماء ﴿فلما رأته حسبته لجة﴾ وهي معظم الماء ﴿وكشفت عن ساقيها﴾ لتخوضه فنظر إليها سليمان فرآها أحسن الناس ساقاً وقدماً إلا أنها كانت شعراء الساقين فلما رأى سليمان ذلك صرف نظره عنها، وناداها بأن.
(٧/١٣٤)
﴿قال﴾ لها ﴿إنه﴾ أي: هذا الذي ظننته ماء ﴿صرح ممرد﴾ أي: مملس ومنه الأمرد لملاسة وجهه من الشعر ﴿من﴾ أي: كائن من ﴿قوارير﴾ أي: زجاج وليس بماء، ثم إنّ سليمان دعاها إلى الإسلام وكانت قد رأت حال العرش والصرح فأجابت بأن ﴿قالت رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿إني ظلمت نفسي﴾ أي: بما كنت فيه من العمى بعبادة غيرك عن عبادتك ﴿وأسلمت مع سليمان لله﴾ أي: مقرّة له بالألوهية والربوبية على سبيل الوحدانية، ثم رجعت إشارة للعجز عن معرفة الذات حق المعرفة إلى الأفعال التي هي بحر المعرفة فقالت ﴿رب العالمين﴾ فعممت بعد أن خصت إشارة إلى الترقي من حضيض دركات العمى إلى أوج درجات الهدى، وقيل: إنها لما بلغت الصرح وظنته لجة قالت في نفسها إنّ سليمان يريد أن يغرقني وكان القتل أهون من هذا، فقولها ظلمت نفسي أي: بذلك الظنّ.
(٧/١٣٥)