﴿أم من جعل الأرض قراراً﴾ وهو بدل من ﴿أم من خلق السموات﴾ وحكمه حكمه، ومعنى قراراً ألا تميد بأهلها، وكان القياس يقتضي أن تكون هادئة أو مضطربة كما يضطرب ما هو معلق في الهواء، ولكن الله تعالى أبدى بعضها من الماء بحيث يتأتى استقرار الإنسان والدواب عليها ﴿وجعل خلالها﴾ أي: وسطها ﴿أنهاراً﴾ أي: جارية على حالة واحدة فلو اضطربت الأرض أدنى اضطراب لتغيرت مجاري المياه.
ثم ذكر تعالى سبب القرار بقوله تعالى: ﴿وجعل لها رواسي﴾ أي: جبالاً أثبت بها الأرض على ميزان دَبَّرهُ سبحانه وتعالى في مواضع من أرجائها بحيث اعتدلت جميع جوانبها فامتنعت من الاضطراب، ولما كان بعض مياه الأرض عذباً وبعضها ملحاً مع القرب جدّاً، بيّن الله تعالى أن أحدهما لم يختلط بالآخر بقوله تعالى: ﴿وجعل بين البحرين﴾ أي: العذب والملح ﴿حاجزاً﴾ من قدرته يمنع أحدهما أن يختلط بالآخر ﴿أإله مع الله﴾ أي: المحيط علماً وقدرة معين له على ذلك ﴿بل أكثرهم﴾ أي: الذين ينتفعون بهذه المنافع ﴿لا يعلمون﴾ توحيد ربهم بل هم كالبهائم لإعراضهم عن هذا الدليل الواضح تنبيه: في قراءة أإله مثل أئنكم، الثالث: منها قوله تعالى:
(٧/١٤٨)