أجيب: بأنّ الخوف غم يلحق الإنسان لمتوقع، والحزن غم يلحقه لواقع، وهو فراقه والأخطار به فنيهت عنهما جميعاً وأومنت بالوحي لها ووعدت ما يسليها ويطمئن قلبها ويملؤها غبطة وسروراً وهو ردّه إليها كما قال تعالى.
(٧/١٧٩)
﴿إنا رادّوه إليك﴾ فأزال مقتضى الخوف والحزن ثم زادها بشرى وأيّ بشرى بقوله تعالى: ﴿وجاعلوه من المرسلين﴾ أي: الذين هم خلاصة المخلوقين، وروى عطاء والضحاك عن ابن عباس قال: «إنّ بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا بالمعاصي ولم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر فسلط الله عليهم القبط فاضعفوهم إلى أن أنجاهم الله تعالى على يد نبيه وكليمه».
قال ابن عباس: إنّ أم موسى لما تقاربت ولادتها وكانت قابلة من القوابل التي وكلهنّ فرعون بحبالى بني إسرائيل مصافية لأم موسى فلما ضربها الطلق أرسلت إليها فقالت قد نزل بي ما نزل فلينفعني حبك إياي اليوم قال فعالجت قبالها فلما أن وقع موسى عليه السلام بالأرض هالها نور بين عيني موسى فارتعش كل مفصل منها ودخل حب موسى قلبها، ثم قالت لها يا هذه ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن ورائي قتل مولودك ولكن وجدت لابنك هذا حباً شديداً ما وجدت حب شيء مثل حبه فاحفظي ابنك فإني أراه هو عدوّنا فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون فجاؤوا إلى بابها ليدخلوا على أمّ موسى فقالت أخته: يا أماه هذا الحرس بالباب فلفت موسى في خرقة ووضعته في التنور وهو مسجور وطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع قال فدخلوا فإذا التنور مسجور وأمّ موسى لم يتغير لها لون فقالوا ما أدخل عليك القابلة فقالت هي مصافية لي دخلت عليّ زائرة فخرجوا من عندها فرجع إليها عقلها فقالت لأخت موسى فأين الصبي قالت لا أدري فسمعت بكاء الصبي من التنور فانطلقت إليه وقد جعل الله تعالى النار عليه برداً وسلاماً فاحتملته.
(٧/١٨٠)


الصفحة التالية
Icon