قال ابن عادل: وهذا يسمى عند أهل البيان الكلام الموجه، ومثله لما سئل بعضهم وكان بين أقوام بعضهم يحبّ علياً دون غيره وبعضهم يحبّ أبا بكر وبعضهم عمر وبعضهم عثمان رضي الله تعالى عنهم، فقيل له أيهم أحبّ إلى رسول الله ﷺ فقال من كانت ابنته تحته، وقيل: لما تفرسوا أنها عرفته قالت إنما قلت هذا رغبة في سرور الملك واتصالنا به وقيل إنها: لما قالت ذلك قالوا لها من؟ فقالت أمي قالوا ولأمك ابن قالت نعم هارون وكان ولد في سنة لا يقتل فيها قالوا صدقت فائتينا بها فانطلقت إلى أمها فأخبرتها بحال ابنها وجاءت بها إليهم فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها وجعل يمصه حتى امتلأ جنباه رياً فقالوا أقيمي عندنا فقالت لا أقدر على فراق بيتي إن رضيتم أن أكفله في بيتي وإلا فلا حاجة لي به وأظهرت الزهد فيه نفياً للتهمة فرضوا بذلك فرجعت به إلى بيتها فذلك قوله تعالى:
﴿فرددناه إلى أمّه﴾ ثم علله بقوله تعالى: ﴿كي تقرّ عينها﴾ أي: تبرد وتستقرّ، وأصل قرّة العين من القرّ وهو البرد أي: بردت ونامت بخلاف سخنت عينه يقال أقرّ الله تعالى عينك من الفرح وأسخنها من الحزن فلهذا قالوا دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارّة هذا قول الأصمعي، قال أبو تمام:

*فأما عيون العاشقين فأسخنت وأما عيون الشامتين فقرت*
(٧/١٨٨)


الصفحة التالية
Icon