(٧/١٩٣)
فقد قضيته وقضيت عليه وخفي هذا على الناس لما هم فيه من الغفلة فلم يشعر به أحد فندم موسى عليه السلام عليه ولم يكن قصده القتل فدفنه في الرمل.
﴿قال هذا﴾ أي: قتله ﴿من عمل الشيطان﴾ أي: لأني لم أومر به على الخصوص ولم يكن من قصدي وإن كان المقتول كافراً حربياً، ثم أخبر عن حال الشيطان ليحذر منه بقوله ﴿إنه عدوّ﴾ فينبغي الحذر منه ﴿مضلّ﴾ لا يقود إلى خير أصلاً ﴿مبين﴾ أي: عداوته وإضلاله في غاية البيان ما في شيء منهما خفاء ولما لم يكن في قتله إلا الندم لعدم إذن خاص.
﴿قال رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿إني ظلمت نفسي﴾ أي: بالإقدام على ما لم تأمرني به بالخصوص وإن كان مباحاً ﴿فاغفر لي﴾ أي: امحُ هذه الهفوة عينها وأثرها ﴿لي﴾ أي: لأجلي لا تؤاخذني ﴿فغفر﴾ أي: أوقع المحو لذلك كما سأل إكراماً ﴿له إنه هو﴾ أي: وحده ﴿الغفور﴾ أي: البالغ في صفة الستر لكل من يريد ﴿الرحيم﴾ أي: العظيم الرحمة بالإحسان بالتوفيق إلى الأفعال المرضية لمقام الإلهية ولأجل أن هذه صفته ردّه إلى فرعون وقومه حين أرسله إليهم فلم يقدروا على مؤاخذته بذلك بقصاص ولا غيره بعد أن نجا منهم قبل إرساله على غير قياس، ثم شكر ربه على هذه النعمة التي أنعم بها عليه بأن.
﴿قال رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿بما أنعمت عليّ﴾ أي: بسبب إنعامك عليّ بالمغفرة ﴿فلن أكون﴾ أي: إن عصمتني ﴿ظهيراً﴾ أي: عوناً وعشيراً وخليطاً ﴿للمجرمين﴾ قال ابن عباس: للكافرين وهو إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته وتكسيره سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون، وإما مظاهرة من تؤل مظاهرته إلى الجرم والإثم كما في مظاهرة الإسرائيلي المؤدّية إلى القتل الذي لم يؤمر به وهذا نحو قوله تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ (هود: ١١٣)
(٧/١٩٤)


الصفحة التالية
Icon