﴿ولما توجه﴾ أي: أقبل بوجهه قاصداً ﴿تلقاء﴾ أي: الطريق الذي يلاقي سالكه أرض ﴿مدين﴾ قال ابن عباس: خرج وما قصد مدين ولكنه سلم نفسه إلى الله تعالى ومشى من غير معرفة فهداه الله تعالى إلى مدين، وقيل: وقع في نفسه أن بينهم وبينه قرابة لأنهم من ولد مدين بن إبراهيم وكان من بني إسرائيل سميت البلدة باسمه فخرج ولم يكن له علم بالطريق بل اعتمد على فضل الله تعالى، وقيل جاءه جبريل عليه السلام وعلمه الطريق، قال ابن اسحق: خرج من مصر إلى مدين خائفاً بلا زاد ولا ظهر وبينهما مسيرة ثمانية أيام ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر ﴿قال عسى﴾ أي: جدير وحقيق ﴿ربي﴾ أي: المحسن إليّ ﴿أن يهديني سواء﴾ أي: أعدل ووسط ﴿السبيل﴾ أي: الطريق الذي يطلعني الله تعالى عليها من غير اعوجاج وقال ذلك قبل أن يعرف الطريق إليها، قيل: فلما دعا جاءه ملك بيده عنزة فانطلق به إلى مدين، قال المفسرون: خرج موسى من مصر ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر والبقل حتى ترى خضرته في بطنه وما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه، قال ابن عباس: وهو أوّل ابتلاء من الله تعالى لموسى عليه السلام ﴿ولما ورد﴾ أي: وصل ﴿ماء مدين﴾ وهو بئر كان يسقي منها الرعاة مواشيهم ﴿وجد عليه﴾ أي: الماء ﴿أمّة﴾ أي: جماعة كثيرة ﴿من الناس﴾ مختلفين ﴿يسقون﴾ أي: مواشيهم ﴿ووجد من دونهم﴾ أي: في مكان سواهم أسفل من مكانهم ﴿امرأتين﴾ عبر بذلك لما جعل لهما سبحانه من المروءة ومكارم الأخلاق كما يعلمه من أمعن النظر فيما يذكر عنهما ﴿تذودان﴾ أي: تحبسان وتمنعان أغنامهما إذا فزعت من العطش إلى الماء حتى يفرغ الناس ويخلو لهما البئر، وقال الحسن: تكفان الغنم لئلا تختلط بغنم الناس، وقال قتادة: تكفان الناس عن أغنامهما، وقيل: لئلا يختلطن بالرجال، وقيل كانتا تذودان عن وجوههما نظر الناظرين لتسترهما، وقيل غير ذلك فكأنه قيل فما قال موسى لهما قيل ﴿قال﴾ لهما رحمة لهما ﴿ما خطبكما﴾ أي: ما شأنكما لا تسقيان مواشيكما مع


الصفحة التالية
Icon