﴿فجاءته إحداهما﴾ ممتثلة أمر أبيها وقوله ﴿تمشي﴾ حال، وقوله ﴿على استحياء﴾ حال أخرى، أي: مستحيية إما من جاءته وإما من تمشي قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة ولكن جاءته مستترة وضعت كمّ درعها على وجهها استحياء ثم استأنف الإخبار بما تشوّف إليه السامع بقوله تعالى: ﴿قالت﴾ وأكدت إعلاماً بما لأبيها من الرغبة إلى لقائه ﴿إن أبي﴾ وصورت حاله بالمضارع بقولها ﴿يدعوك ليجزيك﴾ أي: يعطيك مكافأة لك لأن المكافأة من شيم الكرام ﴿أجر ما سقيت لنا﴾ أي: مواشينا، قال ابن إسحاق: اسم الكبرى صفوراً والصغرى لبنى، وقيل ليا، وقال غيره: صفرا وصفيرا، وقال الضحاك: صافورا، وقال الأكثرون: التي جاءت لموسى الكبرى، وقال الكلبيّ هي الصغرى، قال الرازي وليس في القرآن دلالة على شيء من هذه التفاصيل.
فإن قيل: في الآية إشكالات إحداها: كيف ساغ لموسى عليه السلام أن يعمل بقول امرأة وأن يمشي معها وهي أجنبية فإن ذلك يورث التهمة العظيمة وقال ﷺ «اتقوا مواضع التهم»، وثانيها: أنه سقى أغنامهما تقرّبا إلى الله تعالى فكيف يليق به أخذ الأجرة عليه وذلك غير جائز في الشريعة، وثالثها: أنه عرف فقرهما وفقر أبيهما وأنه عليه السلام كان في نهاية القوّة بحيث يمكنه الكسب بأقل سعي فكيف يليق بمروءة مثله طلب الأجرة على ذلك القدر من الشيخ الفاني الفقير والمرأة الفقيرة، ورابعها: كيف يليق بالنبيّ شعيب عليه السلام أن يبعث ابنته الشابة إلى رجل شاب قبل العلم بكون الرجل عفيفاً أو فاسقاً؟.
(٧/٢٠٣)


الصفحة التالية
Icon