﴿قال﴾ لموسى عليه السلام عند ذلك ﴿إني أريد﴾ يا موسى والتأكيد لأن الغريب قلما يرغب فيه أوّل ما يقدم لا سيما من الرؤساء أتم الرغبة ﴿أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين﴾ أي: الحاضرتين اللتين سقيت لهما ليتأمّلهما فينظر من يقع اختياره عليه منهما ليعقد له عليها، قال أكثر المفسرين إنه زوجه الصغرى منهما وهي التي ذهبت لطلب موسى واسمها صفورا على خلاف تقدّم في اسمها، وقوله﴿هاتين﴾ فيه دليل على أنه كان له غيرهما وقوله ﴿على أن تأجرني ثماني حجج﴾ إما من أجرته إذا كنت له أجيراً كقولك أبوته إذا كنت له أباً، وثماني حجج ظرفه، أي: ترعى غنمي ثماني حجج، وإما من أجرته كذا إذا أثبته إياه قاله الفراء أي: تجعل ثوابي من تزويجها أي: تجعل أجري على ذلك وثوابي ثماني حجج، تقول العرب أجرك الله يأجرك أي: أثابك، ومنه تعزية رسول الله ﷺ «أجركم الله ورحمكم» وثماني حجج مفعول به، ومعناه رعية ثماني حجج، فإن قيل: كيف صح أن ينكحه إحدى ابنتيه من غير تمييز؟ أجيب: بأن ذلك لم يكن عقداً ولكن مواعدة ومواصفة أمر قد عزم عليه، ولو كان عقداً لقال أنكحتك ولم يقل: إني أريد أن أنكحك، وقد مرّت الإشارة إلى ذلك، والحجج، السنون وإحدها حجة ﴿فإن أتممت عشراً﴾ أي: عشر سنين وقوله ﴿فمن عندك﴾ يجوز أن يكون في محل رفع خبر المبتدأ محذوف تقديره فهي من عندك، أو نصب أي: فقد زدتها من عندك أو تفضلت بها من عندك، وليس ذلك بواجب عليك.
(٧/٢٠٧)


الصفحة التالية
Icon