فإن قيل: تصوّر العدوان إنما هو في أحد الأجلين الذي هو أقصر وهو المطالبة بتتمة العشر فما معنى تعليق العدوان بهما جميعاً؟ أجيب: بأنّ معناه كما أني إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدواناً لا شك فيه فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثمان أراد بذلك تقرير أمر الخيار وأنه ثابت مستقرّ وأنّ الأجلين على السواء إما هذا وإما هذا من غير تفاوت بينهما في القضاء، وأمّا التتمة فموكلة إلى رأيي إن شئت أتيت بها وإلا لم أجبر عليها، وكأنه أشار بنفي صيغة المبالغة إلى أنه لا يؤاخذ لسعة صدره وطهارة أخلاقه بمطلق العدوان ﴿والله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿على ما نقول﴾ أي: كله في هذا الوقت وغيره ﴿وكيل﴾ قال ابن عباس ومقاتل: شهيد فيما بيني وبينك، وقيل: حفيظ، وعن سعيد بن جبير قال: سألني يهودي من أهل الحيرة أيّ الأجلين قضى موسى؟ فقلت: لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله فقدمت فسألت ابن عباس فقال: قضى أكثرهما.
وروي عن أبي ذرّ مرفوعاً إذا سئلت أي: الأجلين قضى موسى فقل: خيرهما، وإذا سئلت فأي: المرأتين تزوّج فقل الصغرى منهما وهي التي جاءت فقالت يا أبت استأجره فتزوّج صغراهما وقضى أوفاهما، وقال وهب: أنكحه الكبرى، وروي عن شدّاد بن أوس مرفوعاً بكى شعيب عليه السلام حتى عمي فردّ الله تعالى عليه بصره ثم بكى حتى عمي فردّ الله تعالى عليه بصره ثم بكى حتى عمي فردّ الله تعالى عليه بصره وقال له: ما هذا البكاء أشوقاً إلى الجنة أم خوفاً من النار؟ قال لا يا ربّ ولكن شوقاً إلى لقائك فأوحى الله تعالى إليه إن يكن ذلك فهنيأ لك يا شعيب لذلك أخدمتك موسى كليمي، ولما تم العقد بينهما أمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها السباع عن غنمه.
(٧/٢٠٩)


الصفحة التالية
Icon