﴿واستكبر﴾ أي: أوجد الكبر بغاية الرغبة فيه ﴿هو﴾ بقوله هذا الذي صدّهم به عن السبيل ﴿وجنوده﴾ بإعراضهم لشدّة رغبتهم في الكبر على الحق والاتباع للباطل ﴿في الأرض﴾ أي: أرض مصر قال البقاعي: ولعله عرّفها إشارة إلى أنه لو قدر على ذلك في غيرها فعل ﴿بغير الحق﴾ أي: بغير استحقاق قال البقاعي: والتعبير بالتعريف يدل على أنّ التعظيم بنوع من الحق ليس بكبر وإن كانت صورته كذلك وأما تكبره سبحانه فهو بالحق كله قال ﷺ فيما حكاه عن ربه: «الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في النار» ﴿وظنوا﴾ أي: فرعون وجنوده ظناً بنوا عليه اعتقادهم في أصل الدين الذي لا يكون إلا بقاطع ﴿أنهم إلينا﴾ أي: إلى حكمنا خاصة الذي يظهر عند انقطاع الأسباب ﴿لا يرجعون﴾ بالنشور، وقرأ نافع وحمزة والكسائي بفتح الياء وكسر الجيم والباقون بضمّ الياء وفتح الجيم، ولما تسبب عن ذلك إهلاكهم قال تعالى:
﴿فأخذناه وجنوده﴾ كلهم أخذ قهر ونقمة وذلك علينا هيِّن وأشار تعالى إلى احتقارهم بقوله تعالى: ﴿فنبذناهم﴾ أي: طرحناهم ﴿في اليم﴾ أي: البحر المالح فغرقوا فكانوا على كثرتهم وقوّتهم كحصيات صغار قذفها الرامي الشديد الدرء من يده في البحر ونحو ذلك قوله تعالى: ﴿وجعلنا فيها رواسي شامخات﴾ (المرسلات، ٢٧)
وقوله تعالى ﴿وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة﴾ (الحاقة: ١٤)
ولما تسبب عن هذه الآيات من العلوم ما لا تحيط به الفهوم قال تعالى:
(٧/٢٢٤)


الصفحة التالية
Icon