(٧/٢٥٩)
تعالى فيها وكان ذلك بأمر الله تعالى ودعا موسى عليه السلام أن يريهم بيان ذلك فباتوا يحرسون عصيهم فأصبحت عصا هارون عليه السلام وقد اهتز لها ورق أخضر وكانت من شجر اللوز فقال موسى: عليه السلام لقارون ألا ترى ما صنع لهارون؟ عليه السلام فقال: والله ما هذا بأعجب مما تصنع من السحر فاعتزل قارون ومعه ناس كثير، وولي هارون عليه السلام الحبورة وهي رياسة الذبح والقربان وكانت بنو إسرائيل يأتون بهداياهم إلى هارون عليه السلام فيضعها في المذبح وتنزل نار من السماء فتأكلها، واعتزل قارون بأتباعه وكان كثير المال والتبع من بني إسرائيل فكان لا يأتي موسى عليه السلام ولا يجالسه، وروي عن النبيّ ﷺ «أن قارون كان من السبعين المختارة الذين سمعوا كلام الله تعالى» ولما ذكر الله تعالى بغيه ذكر سببه الحقيقي بقوله تعالى: ﴿وأتيناه من الكنوز﴾ أي: الأموال المدفونة المذخورة فضلاً عن الظاهرة التي هي بصدد الإنفاق منها لما عساه يعرض من المهمات ﴿ما﴾ أي: الذي أوتي شيء كثير لا يدخل تحت حصر حتى ﴿إنّ مفاتحه﴾ أي: مفاتح الأغلاق التي هو مدفون فيها وراء أبوابها ﴿لتنوء﴾ أي: تميل بجهد ومشقة بثقلها ﴿بالعصبة﴾ أي: الجماعة الكثيرة التي تعصب أي: يقوي بعضهم بعضاً ﴿أولى﴾ أي: أصحاب ﴿القوّة﴾ أي: تميلهم من أثقالها إياهم، تنبيه: في المبالغة بالتعبير بالكنوز والمفاتيح والنوء والعصبة الموصوفة ما يدل على أنه أوتي من ذلك ما لم يؤته أحد ممن هو في عداده وكل ذلك مما تستبعده العقول فلذلك وقع التأكيد.
واختلفوا في عدد العصبة: فقال مجاهد ما بين العشرة إلى خمسة عشر، وقال الضحاك عن ابن عباس ما بين الثلاثة إلى العشرة، وقال قتادة ما بين العشرة إلى الأربعين، وقيل أربعون رجلاً، وقيل سبعون وروي عن ابن عباس قال: كان يحمل مفاتيحه أربعون رجلاً، أقوى ما يكون من الرجال.
(٧/٢٦٠)


الصفحة التالية
Icon