(٧/٢٦٧)
ويناشده قارون بالله والرحم، حتى روي أنه ناشده سبعين مرّة وموسى في كل ذلك لا يلتفت إليه لشدّة غضبه ثم قال: يا أرض خذيهم فانطبقت عليهم الأرض فأوحى الله تعالى إليه ما أغلظ قلبك استغاث بك سبعين مرة فلم ترحمه وعزتي وجلالي لو دعاني مرة واحدة لأجبته، وفي بعض الآثار لا أجعل الأرض بعدك طوعاً لأحد، قال قتادة: خسف به فهو يتجلجل في الأرض كل يوم قامة رجل لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة قال: وأصبح بنو إسرائيل يتناجون فيما بينهم إن موسى إنما دعا على قارون ليستبدّ بداره وكنوزه فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وبأمواله، فإياكم يا أمة هذا النبيّ أن تردوا ما أتاكم به من الرحمة فتهلكوا، وإن كنتم أقرب الناس إليه فإن قارون كان من أقارب موسى عليه السلام فإن الأنبياء عليهم السلام كما أنهم لا يوجدون الهدى في قلوب العدا فكذلك لا يمنعونهم من الردى ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ﴿فما﴾ فتسبب عنه أنه ما ﴿كان له﴾ أي: لقارون، وأكد النفي لما استقر في الأذهان أن الأكابر منصورون بزيادة الجار في قوله تعالى: ﴿من فئة﴾ أي: أعوان وأصل الفئة الجماعة من الطير كأنها سميت بذلك لكثرة رجوعها وسرعتها إلى المكان الذي ذهبت منه ﴿ينصرونه من دون الله﴾ أي: غيره بأن يمنعوا عنه الهلاك ﴿وما كان من المنتصرين﴾ أي: الممتنعين منه من قولهم نصره من عدوه فانتصر إذا منعه منه فامتنع ولما خسف به واستبصر الجهال الذين هم كالبهائم لا يرون إلا المحسوسات ذكر حالهم بقوله:
(٧/٢٦٨)