﴿وما كنت ترجو﴾ أي: في سالف الدهر بحال من الأحوال ﴿أن يلقى﴾ أي: ينزل على وجه لم تقدر على رده ﴿إليك الكتاب﴾ أي: يوحى إليك القرآن، قال البيضاوي أي: سيردك إلى معاد كما ألقى إليك الكتاب وما كنت ترجوه وهو ظاهر على أن المراد بالمعاد مكة وقوله تعالى: ﴿إلا رحمة﴾ استثناء منقطع أي: لكن ألقى إليك الكتاب رحمة ﴿من ربك﴾ أي: فأعطاك القرآن، وقيل: متصل قال الزمخشري: هذا كلام محمول على المعنى كأنه قيل وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة فيكون استثناء من الأحوال أو من المفعول له ﴿فلا تكونن ظهيراً﴾ أي: معيناً ﴿للكافرين﴾ على دينهم الذي دعوك إليه، قال مقاتل: وذلك حين دعي إلى دين آبائه، فذكره الله تعالى نعمه ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه.
﴿ولا يصدنك عن آيات الله﴾ أي: قراءتها والعمل بها ﴿بعد إذ نزلت إليك﴾ أي: لا ترجع إليهم في ذلك ﴿وادع﴾ أي: أوجد الدعاء ﴿إلى ربك﴾ أي: إلى عبادته وتوحيده ﴿ولا تكونن من المشكرين﴾ أي: بإعانتهم، ولم يؤثر الجازم في الفعل لبنائه بخلافه في يصدنك فإنه حذف منه نون الرفع إذ أصله يصدوننك حذفت نون الرفع للجازم ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين.
﴿ولا تدع﴾ أي: تعبد ﴿مع الله﴾ أي: الجامع لجميع صفات الكمال ﴿إلهاً آخر﴾ فإن قيل: هذا وما قبله لا يقع منه ﷺ فما فائدة ذلك النهي؟ أجيب: بأنه ذكر للتهييج وقطع أطماع المشركين عن مساعدته لهم أو أن الخطاب وإن كان معه لكن المراد غيره كما في قوله تعالى: ﴿لئن أشركت ليحبطن عملك﴾ (الزمر: ٦٥)
ثم علل ذلك بقوله تعالى: ﴿لا إله إلا هو﴾ أي: لا نافع ولا ضار ولا معطى ولا مانع إلا هو كقوله تعالى: ﴿رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً﴾ (المزمل: ٩)
(٧/٢٧٣)


الصفحة التالية
Icon