﴿ومن جاهد﴾ أي: بذل جهده في جهاد حرب أو نفس حتى كأنه يسابق آخر في الأعمال الصالحة ﴿فإنما يجاهد لنفسه﴾ لأنّ منفعة جهاده له لا لله تعالى فإنه غني مطلق كما قال تعالى: ﴿إن الله﴾ أي: المتصرّف في عباده بما شاء ﴿لغنيّ عن العالمين﴾ أي: الأنس والجنّ والملائكة وعن عبادتهم ومثل هذا كثير في القرآن كقوله تعالى: ﴿من عمل صالحاً فلنفسه﴾ (فصلت: ٦)
وقوله تعالى: ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾ (الإسراء: ٧)
(٧/٢٧٨)
فينبغي للعبد أن يكثر من العمل الصالح ويخلصه لأنّ من عمل فعلاً يطلب به ملكاً ويعلم أنّ الملك يراه يحسن العمل ويتقنه، وإذا علم أن عمله لنفسه لا لأحد يكثر منه، نسأل الله الكريم الفتاح أن يوفقنا للعمل الصالح وأن يفعل ذلك بأهلينا وذريتنا ومحبينا بمحمد وآله، ولما بين تعالى حال المسيء مجملاً بقوله تعالى: ﴿أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا﴾ إشارة إلى التعذيب مجملاً، وذكر حال المحسن بقوله تعالى: ﴿ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ﴾ وكان التقدير فالذين جاهدوا والذين عملوا السيئات لنجزينهم أجمعين ولكنه طواه لأن السياق لأهل الرجاء عطف عليه قوله تعالى:
(٧/٢٧٩)


الصفحة التالية
Icon