وروي أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة فخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام أخواه لأمّه أسماء بنت مخرمة امرأة من بني تميم بن حنظلة فنزلا بعياش وقالا له: إنّ من دين محمد صلة الأرحام وبرّ الوالدين وقد تركت أمك لا تأكل ولا تشرب ولا تأوي بيتاً حتى تراك وهي أشد حباً لك منا فاستشار عمر فقال: هما يخدعانك ولك عليّ أن أقسم مالي بيني وبينك فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر فقال عمر: أمّا إذا عصيتني فخذ ناقتي فليس في الدنيا بعير يلحقها فإن رابك منهما ريب فارجع فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل: إن ناقتي قد كلت فاحملني معك قال: نعم فنزل ليوطئ لنفسه وله فأخذاه وشدّاه وأوثقاه وجلده كل واحد منهما مائة جلدة وذهبا به إلى أمه فقالت: لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد فنزلت رضي تعالى الله عنه وأرضاه ونفعنا به في الدنيا والآخرة، ولما كان التقدير فالذين أشركوا وعملوا السيئات لندخلنهم في المفسدين ولكنه طواه لدلالة السياق عليه عطف عليه زيادة في الحث على الإحسان إلى الوالدين قوله تعالى:
﴿والذين آمنوا وعملوا﴾ تحقيقاً لإيمانهم ﴿الصالحات لندخلهم في الصالحين﴾ أي: الأنبياء والأولياء بأن نحشرهم معهم، أو ندخلهم وهم الجنة، والصلاح منتهى درجات المؤمنين ومنتهى أنبياء الله والمرسلين، ولما بين سبحانه وتعالى المؤمن بقوله تعالى: ﴿فليعلمنّ الله الذين صدقوا﴾ وبين الكافر بقوله تعالى: ﴿وليعلمنّ الكاذبين﴾ بين أنه بقي قسم ثالث مذبذب بقوله تعالى:
(٧/٢٨٣)