(٧/٣٠٤)
فجعلوا جزاءه القتل والتحريق، ولوط كان ينكر عليهم فعلهم وينسبهم إلى ارتكاب المحرّم وهم ما كانوا يقولون إن هذا واجب من الدين فلم يصعب عليهم مثل ما صعب على قوم إبراهيم كلام إبراهيم فقالوا له: إنك تقول إن هذا حرام والله يعذب عليه فإن كنت صادقاً فائتنا بالعذاب، فإن قيل: إنّ الله تعالى قال في موضع آخر.
﴿فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم﴾ (النمل، ٥٦) وقال هنا: ﴿فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله ﴾ فكيف الجمع؟ أجيب: بأنّ لوطاً كان ثابتاً على الإرشاد مكرّراً على النهي والوعيد فقالوا أولاً: ائتنا، ثم لما كثر ذلك منه ولم يسكت عنهم قالوا: أخرجوا ولما أيس منهم طلب النصرة من الله بأن.
﴿قال﴾ أي: لوط عليه السلام معرضاً عنهم مقبلاً بكليته على المحسن إليه ﴿رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿انصرني على القوم﴾ أي: الذين فيهم من القوّة ما لا طاقة لي بهم معه ﴿المفسدين﴾ أي: العاصين بإتيان الرجال ووصفهم بذلك مبالغة في استنزال العذاب وإشعاراً بأنهم أحقاء بأن يعجل لهم العذاب ولما دعا لوط على قومه بقوله رب إلى آخره استجاب الله تعالى دعاءه وأمر ملائكته بإهلاكهم وأرسلهم مبشرين ومنذرين كما قال تعالى:
(٧/٣٠٥)
﴿ولما جاءت﴾ وأسقط أن لأنه لم يتصل القول بأوّل المجيء بل كان قبله السلام والضيافة وعظم الرسل بقوله تعالى: ﴿رسلنا﴾ أي: من الملائكة تعظيماً لهم في أنفسهم ﴿إبراهيم بالبشرى﴾ أي: بإسحاق ولداً له ويعقوب ولداً لإسحاق عليهما السلام.
(٧/٣٠٦)