﴿ولئن﴾ اللام لام قسم ﴿سألتهم من نزل من السماء ماءً﴾ بعد أن كان مضبوطاً في جهة العلو ﴿فأحيا به الأرض﴾ الغبراء وأشار بإثبات الجار إلى قرب الإنبات من زمان الممات فقال: ﴿من بعد موتها﴾ فصارت خضراء تهتز بعد أن لم يكن لها شيء من ذلك ﴿ليقولنّ الله﴾ معترفين بأنه الموجد للممكنات بأسرها أصولها وفروعها، ثم إنهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يقدر على شيء من ذلك فلما ثبت أنه الخالق بدءً وإعادة كما يشاهد في كل زمان قال منبهاً على عظمة صفاته اللازم من إثباتها صدق رسول الله ﷺ ﴿قل﴾ يا أفضل الخلق متعجباً منهم في جمودهم كيف يقرون بما يلزمهم التوحيد ثم لا يوحدون؟ ﴿الحمد لله﴾ الذي لا سميّ له وليس لغيره إحاطة من الأشياء فلزمتهم الحجة بما أقروا به من إحاطته وهم لا يثبتون ذلك بإعراضهم ﴿بل أكثرهم لا يعقلون﴾ فيناقضون حيث يقرون بأنه المبدئ لكل ما عداه ثم إنهم يشركون به غيره مما هم معترفون بأنه خلقه فهم لا يعرفون معنى الحمد حيث لم يعملوا به، ومنهم من آمن بعد ذلك فكان في الذروة من كمال العقل في التوحيد الذي يلزمه سائر الفروع، ومنهم من كان دون ذلك فكان نفي العقل عنه مقيداً بالكمال، ولما تبين بهذه الآيات أنّ الدنيا مبنية على الفناء والزوال والتقلع والارتحال وصح أن السرور بها في غير موضعه فلذلك قال مشيراً بعد سلب العقل عنهم إلى أنهم فيها كالبهائم يتهارجون:
(٧/٣٤٢)


الصفحة التالية
Icon