﴿ظهر الفساد﴾ أي: النقص في جميع ما ينفع الخلق ﴿في البر﴾ بالقحط والخوف وقلة المطر ونحو ذلك ﴿والبحر﴾ بالغرق وقلة الفوائد من الصيد ونحوه من كل ما كان يحصل منه. وقلة المطر كما تؤثر في البرّ تؤثر في البحر فتخلوا أجواف الأصداف من اللؤلؤ، وذلك لأنّ الصدف إذا جاء المطر يرتفع على وجه الماء وينفتح فما وقع فيه من المطر صار لؤلؤاً وقالوا: إذا انقطع القطر عميت دوابّ البحر، وقيل: المراد بالبرّ البوادي والمفاوز، وبالبحر المدائن والقرى التي على المياه الجارية، قال عكرمة: العرب تسمي المطر بحراً تقول: أجدب البرّ وانقطعت مادّة البحر، ثم بين سببه بقوله تعالى: ﴿بما كسبت أيدي الناس﴾ أي: بسبب شؤم ذنوبهم ومعاصيهم كقوله تعالى ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم﴾ (الشورى: ٣٠)
قال ابن عباس: الفساد في البرّ قتل أحد بني آدم أخاه، وفي البحر غصب الملك الجبار السفينة، قال الضحاك: كانت الأرض خضرة مونقة لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة، وكان ماء البحر عذباً، وكان لا يقصد الأسد البقر والغنم، فلما قتل قابيل هابيل اقشعرّت الأرض وشاكت الأشجار وصار ماء البحر ملحاً زعاقاً، وقصد الحيوانات بعضها بعضا، وقال قتادة: هذا قبل مبعث نبينا ﷺ امتلأت الأرض ظلماً، فلما بعث الله تعالى محمداً ﷺ رجع راجعون من الناس، وقيل: أراد بالناس كفار. مكة ولما ذكر تعالى علية البدائية ثنى بعلية الجزائية بقوله تعالى:
(٧/٣٨٧)


الصفحة التالية
Icon