لأنّ الإعادة بقوله تعالى: كن فيكون، فالقدرة هناك أظهر وههنا المذكور الإبداء وهو أطوار وأحوال والعلم بكل حال حاصل فالعلم ههنا أظهر. ثم إنّ قوله تعالى ﴿وهو العليم القدير﴾ فيه تبشير وإنذار؛ لأنه إذا كان عالماً بأحوال الخلق يكون عالماً بأحوال المخلوق فإن عملوا خيراً علمه، وإن عملوا شرّاً علمه، ثم إذا كان قادراً وعلم الخير أثاب وإذا علم الشرّ عاقب، ولما كان العلم بالأحوال قبل الإثابة والعقاب اللذين هما بالقدرة والعلم قدم العلم، وأمّا الآية الأخرى فالعلم بتلك الأحوال قبل العقاب فقال: ﴿وهو العزيز الحكيم﴾، ولما ثبتت قدرته تعالى على البعث وغيره عطف على قوله أول السورة ﴿ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون﴾.
﴿ويوم تقوم الساعة﴾ أي: القيامة سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا، أو لأنها تقع بغتة، أو إعلاماً بتيسيرها على الله تعالى، وصارت علماً عليها بالغلبة كالكوكب للزهرة ﴿يقسم﴾ أي: يحلف ﴿المجرمون﴾ أي: الكافرون.l
وقوله تعالى ﴿ما لبثوا﴾ جواب قوله تعالى يقسم وهو على المعنى إذ لو حكي قولهم بعينه لقيل ما لبثنا أي: في الدنيا ﴿غير ساعة﴾ استقلوا أجل الدنيا لما عاينوا في الآخرة، وقال مقاتل والكلبي: ما لبثوا في قبورهم غير ساعة كما قال تعالى ﴿كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها﴾ (النازعات: ٤٦)
وكما قال تعالى ﴿كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار﴾ (الأحقاف: ٣٥)
(٧/٤٠١)


الصفحة التالية
Icon