﴿بسم الله﴾ أي: الذي وسع كل شيء رحمة وعلماً ﴿الرحمن﴾ الذي شملت نعمته سائر بريته ﴿الرحيم﴾ بأوليائه فخصهم بمعرفته قوله تعالى:
﴿ألم﴾ تقدّم الكلام عليه في أوّل سورة البقرة، وقيل: إنه أشار بذلك إلى أن الله الملك الأعلى أرسل جبريل عليه السلام إلى محمد ﷺ بوحي ناطق من الحكم والأحكام بما لم ينطق به من قبله إمام ولا يلحقه في ذلك نبي مدى الأيام فهو المبدأ وهو الختام، وإلى ذلك أومأ بتعبيره بأداة البعد في قوله تعالى:
(٧/٤٠٦)
﴿تلك﴾ أي: الآيات التي هي من العلوّ والعظمة بمكان ﴿آيات الكتاب﴾ أي: الجامع لجميع أنواع الخير ﴿الحكيم﴾ بوضع الأشياء في حواق مراتبها فلا يستطاع نقص شيء من إبرامه، ولا معارضة شيء من كلامه الدال ذلك على تمام علم منزله وشمول عظمته وقدرته، والإضافة بمعنى من، وقوله تعالى:
﴿هدى ورحمة﴾ بالرفع وهي قراءة حمزة خبر مبتدأ مضمر هي أو هو، وقرأ الباقون بالنصب على الحال من آيات والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل. وقال تعالى ﴿للمحسنين﴾ إشارة إلى أنّ رحمة الله قريب من المحسنين فإنه تعالى قال في البقرة: ﴿ذلك الكتاب﴾ ولم يقل الحكيم وههنا قال: الحكيم؛ لأنه لما زاد ذكر وصف في الكتاب زاد ذكراً من أحواله فقال ﴿هدى ورحمة﴾ وقال هناك ﴿هدى للمتقين﴾ فقوله تعالى هدى في مقابلة قوله تعالى الكتاب، وقوله تعالى: ورحمة في مقابلة قوله تعالى: الحكيم، ووصف الكتاب بالحكيم على معنى ذي الحكمة كقوله تعالى في عيشة راضية أي: ذات رضا. وقوله تعالى هناك: للمتقين وقوله تعالى هنا للمحسنين لأنه لما ذكر أنه هدى ولم يذكر شيئاً آخر قال للمتقين أي: يهدي به من يتقي الشرك والعناد، وههنا زاد قوله تعالى ورحمة فقال للمحسنين كما قال تعالى: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾ (يونس: ٢٦) فناسب زيادة
قوله تعالى ورحمة ولأنّ المحسن يتقي وزيادة ثم وصف المحسنين بقوله تعالى:
(٧/٤٠٧)


الصفحة التالية
Icon