تنبيه: ما استفهام إنكار مبتدأ و(ذا) بمعنى الذي بصلته خبره، وأروني معلق عن العمل، وما بعده سدّ مسدّ المفعولين، ثم أضرب عن تبكيتهم بقوله تعالى: ﴿بل﴾ منبهاً على أنّ الجواب ليس لهم خلق هكذا كان الأصل ولكنه قال تعالى ﴿الظالمون﴾ أي: العريقون في الظلم تعميماً وتنبيهاً على الوصف الذي أوجب لهم كونهم ﴿في ضلال﴾ عظيم جدّاً محيط بهم ﴿مبين﴾ أي: في غاية الوضوح وهو كونهم يضعون الأشياء في غير مواضعها لأنهم في مثل الظلام لا نور لهم لانحجاب شمس الأنوار عنهم بجبل الهوى فلا حكمة لهم، ثم إنه تعالى لما نفاها عنهم أثبتها لبعض أوليائه بقوله تعالى:
(٧/٤١٤)
﴿ولقد آتينا﴾ بما لنا من العظمة والحكمة ﴿لقمان﴾ وهو عبد من عبيدنا المطيعين لنا ﴿الحكمة﴾ وهو العلم المؤيد بالعمل أو العمل المحكم بالعلم، قال ابن قتيبة: لا يقال لشخص حكيم حتى يجتمع له الحكمة في القول والفعل.
(٧/٤١٥)
قال: ولا يسمى المتكلم بالحكمة حكيماً حتى يكون عاملاً بها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي العقل والفهم والفطنة، واختلف في نسبه وفي سبب حكمته فقيل: هو لقمان بن باعورا ابن أخت أيوب عليه السلام أو ابن خالته، وقيل: كان من أولاد آزر وعاش ألف سنة وأدرك داود عليه السلام وأخذ عنه العلم وكان يفتي قبل مبعث داود عليه السلام فلما بعث قطع الفتوى فقيل: له فقال ألا أكتفي إذا كفيت، وقيل كان قاضياً في بني إسرائيل وأكثر الأقاويل أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً.