﴿وإن جاهداك﴾ أي: مع ما أمرتك به من طاعتهما ﴿على أن تشرك بي﴾ وقوله تعالى ﴿وما ليس لك به علم﴾ موافق للواقع لأنه لا يمكن أن يدل علم من أنواع العلوم على شيء من الشرك بل العلوم كلها دالة على الوحدانية، ولما قرر ذلك على هذا المنوال البديع قال مسبباً عنه ﴿فلا تطعهما﴾ أي: في ذلك ولو اجتمعا على المجاهدة لك عليه بل خالفهما، وإن أدى الأمر إلى السيف فجاهدهما به لأن أمرهما بذلك مناف للحكمة حامل على محض الجور والسفه ففيه تنبيه لقريش على محض الغلط في التقليد لآبائهم في ذلك، وربما أفهم ذلك الإعراض عنهما بالكلية فلهذا قال تعالى ﴿وصاحبهما في الدنيا﴾ أي: في أمورها التي لا تتعلق بالدين ما دمت حياً بها ﴿معروفاً﴾ ببرهما إن كانا على دين يقران عليه ومعاملتهما بالحلم والإحتمال وما تقتضيه مكارم الأخلاق ومعالي الشيم، ولما كان ذلك قد يجرّ إلى نوع وهن في الدين ببعض محاباة نفي ذلك بقوله تعالى: ﴿واتبع﴾ أي: بالغ في أن تتبع ﴿سبيل﴾ أي: دين وطريق ﴿من أناب﴾ أي: أقبل خاضعاً ﴿إليّ﴾ لم يلتفت إلى عبادة غيري وهم المخلصون، فإن ذلك لا يخرجك عن برهما ولا عن توحيد الله تعالى ولا عن الإخلاص له.
(٧/٤٢٣)


الصفحة التالية
Icon