لأنه أمره أولاً بالمعروف وهو الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر، فإذا أمر نفسه ونهاها ناسب أن يأمر غيره وينهاه، وهذا وإن كان من قول لقمان إلا أنه لما كان في سياق المدح له كنا مخاطبين به، فإن قيل كيف قدم في وصيته لابنه الأمر بالمعروف على النهي عن المنكر وحين أمر أنه قدم النهي عن المنكر على الأمر بالمعروف فقال: لا تشرك بالله ثم قال أقم الصلاة؟ أجيب: بأنه كان يعلم أنّ ابنه معترف بوجود الإله فما أمره بهذا المعروف بل نهاه عن المنكر الذي ترتب على هذا المعروف، وأمّا ابنه فأمره أمراً مطلقاً والمعروف يقدم على المنكر، ولما كان القابض على دينه في غالب الأزمان كالقابض على الجمر قال له ﴿واصبر﴾ صبراً عظيماً بحيث تكون مستعلياً ﴿على ما﴾ أي: الذي ﴿أصابك﴾ أي: في عبادتك وغيرها من الأمر بالمعروف وغيره سواء أكان بواسطة العباد أم لا كالمرض، وقد بدأ هذه الوصية بالصلاة وختمها بالصبر لأنهما ملاك الاستعانة قال تعالى ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ (البقرة: ٤٥)
(٧/٤٢٨)