وقال مقاتل: علم كيف يخلق كل شيء من قول القائل: فلان يحسن كذا إذا كان يتقنه، وقيل: خلق كل حيوان على صورة لم يخلق البعض على صورة البعض، وقيل: معناه أحسن إلى كل خلقه.
وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام فعلاً ماضياً، والجملة صفة للمضاف أو المضاف إليه، والباقون بسكونها على أنه بدل من كل شيء بدل اشتمال والضمير عائد على كل شيء.
ولما كان الحيوان أشرف الأجناس وكان الإنسان أشرفه خصه بالذكر ليقوم دليل الوحدانية بالأنفس كما قام بالآفاق. فقال دالاً على البعث: ﴿وبدأ خلق الإنسان﴾ أي: آدم عليه السلام ﴿من طين﴾ قال الرازي: ويمكن أن يقال الطين ماء وتراب مجتمعان، فالآدمي أصله مني، والمني أصله غذاء، والأغذية إما حيوانية أو نباتية، والحيوانية ترجع إلى النباتية والنبات وجوده بالماء والتراب الذي هو الطين.
﴿ثم جعل نسله﴾ أي: ذريته ﴿من سلالة﴾ أي: نطفة سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان أي: تنفصل منه وتخرج من صلبه، ونحوه قولهم للولد: سليل، هذا على التفسير الأول؛ لأن آدم كان من الطين ونسله من سلالة ﴿من ماء مهين﴾ أي: ضعيف، وعلى التفسير الثاني هو أن أصله من طين، ثم يوجد من ذلك الأصل سلالة هي ماء مهين وهو نطفة الرجل، وأشار إلى عظمة ما بعد ذلك من خلقه وتطويره بقوله تعالى:
(٧/٤٦٦)