تنبيه: جملة النفي خبر مبتدؤه ذلك و﴿هدى﴾ خبر ثانٍ أي هادٍ ﴿للمتقين﴾ الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار. وتخصيص المتقين بالذكر تشريفاً لهم ولأنهم هم المنتفعون بالهدى كما قال تعالى: ﴿إنما أنت منذر من يخشاها﴾ (النازعات، ٤٥) وقال تعالى: ﴿إنما تنذر من اتبع الذكر﴾ (يس، ١١) وقد كان ﷺ منذراً لكل الناس لأنّ هؤلاء هم الذين انتفعوا بإنذاره.
ولها ثلاث مراتب:
الأولى: التوقي من العذاب المخلد بالتبري عن الشرك وعليه قوله تعالى: ﴿وألزمهم كلمة التقوى﴾ (الفتح، ٢٦).
والثانية: التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم، وهذا التجنب هو المتعارف بالتقوى في الشرع وهو المعنى بقوله تعالى: ﴿ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا﴾ (المائدة، ٦٥) (الأعراف، ٩٦) وعلى هذا قول عمر بن عبد العزيز: التقوى ترك ما حرّم الله وأداء ما افترض الله فما رزق الله بعد ذلك فهو خير إلى خير.
والثالثة: أن يتنزه عما يشغل سرّه عن الحق تعالى وهذه هي التقوى الحقيقية المطلوبة بقوله تعالى: ﴿يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته﴾ (آل عمران، ١٠٢) وقال ابن عمر: التقوى أن لا ترى نفسك خيراً من أحد. قرأ ابن كثير: فيه هدى، فيصل الهاء من فيه بياء في الوصل لأنها مكسورة وقبلها ساكن فإن كانت هاء الكناية مضمومة وقبلها ساكن وصلها بواو فإن كان قبلها متحرّك وبعدها متحرّك فجميع القرّاء يصلونها مكسورة بياء ويصلونها مضمومة بواو، فمثال المكسورة به أن يوصل، ومثال المضمومة قال له صاحبه وهو وما أشبه ذلك، فإن كان قبلها متحرّك وبعدها ساكن فالجميع على عدم الصلة مثال ذلك به الله وله الملك وما أشبه ذلك، ويدغم أبو عمرو الهاء في الهاء بخلاف عنه، وكذا كل مثلين ما لم يكن الحرف المدغم تاء متكلم مثل: كنت تراباً أو تاء مخاطب مثل أفأنت تكره الناس أو منوّناً مثل: سميع عليم أو مشدّداً مثل: فتمّ ميقات ربه.