ولما كانت العين لا تقر فتهجع إلا عند الأمن والسرور قال تعالى ﴿من قرة أعين﴾ أي: من شيء نفيس تقرّ به أعينهم لأجل ما أقلقوها عن قرارها بالنوم، ثم صرح بما أفهمته فاء السبب بقوله تعالى: ﴿جزاء﴾ أي: أخفاها لهم لجزائهم ﴿بما﴾ أي: بسبب ما ﴿كانوا يعملون﴾ أي: من الطاعات في دار الدنيا. روى البخاري في التفسير عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال أبو هريرة اقرؤا إن شئتهم ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم﴾ الآية وعن ابن مسعود قال: «إنه لمكتوب في التوراة لقد أعد الله تعالى للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل وإنه لفي القرآن ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾.
وعن ابن عمر قال: إن الرجل من أهل الجنة ليجيء فيشرف عليه النساء فيقلن: يا فلان بن فلان ما أنت بمن خرجت من عندها بأولى بك منا فيقول: ومن أنتن؟ فيقلن: نحن من اللاتي قال الله تعالى: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون﴾ وعن عامر بن عبد الواحد قال: بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكان سبعين سنة، ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول: من أنت فتقول: أنا مزيد، فيمكث معها سبعين سنة ويلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه، فتقول: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول: من أنت فتقول: أنا التي قال الله تعالى ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾.
(٧/٤٧٨)