فإن قيل: كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في الدار الآخرة وهي ليست دار عمل، وكذلك رأى النبي ﷺ جماعة من الأنبياء وهم يحجون؟ أجيب عن ذلك بأجوبة: الأول: أن الأنبياء أفضل من الشهداء، والشهداء أحياء عند ربهم فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا كما صح في الحديث، وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا لأنهم وإن كانوا قد توفوا لكنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل إلى أن تفنى ويفضوا إلى دار الجزاء التي هي الجنة.
الجواب الثاني: أنه ﷺ رأى حالهم التي كانوا عليها في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم. الجواب الثالث: أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع قال الله تعالى ﴿دعواهم فيها سبحانك اللهم﴾ (يونس: ١٠)
(٧/٤٨٦)
وقال ﷺ «يلهمون التسبيح كما تلهمون النفس» فالعبد يعبد ربه تعالى في الجنة أكثر ما كان يعبده في دار الدنيا، وكيف لا يكون ذلك وقد صار مثل حال الملائكة الذين قال الله تعالى في حقهم ﴿يسبحون الليل والنهار لا يفترون﴾ (الأنبياء: ٢٠)
غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي مقتضى الطبع. ثانيها: أن الضمير يعود إلى الكتاب وحينئذ يجوز أن تكون الإضافة للفاعل أي: من لقاء الكتاب لموسى أو المعول أي: من لقاء موسى الكتاب لأن اللقاء تصح نسبته إلى كل منهما؛ لأن من لقيك فقد لقيته. قال السدي: المعنى فلا تكن في مرية من لقائه أي: تلقى موسى كتاب الله تعالى بالرضا والقبول. ثالثها: أنه يعود على الكتاب على حذف مضاف أي: من لقاء مثل كتاب موسى.


الصفحة التالية
Icon