﴿النبي﴾ أي: الذي ينبئه الله تعالى بدقائق الأحوال في بدائع الأقوال، ويرفعه دائماً في مراقي الكمال ولا يزيد أن يشغله بولد ولا مال ﴿أولى بالمؤمنين﴾ أي: الراسخين في الإيمان فغيرهم أولى في كل شيء من أمور الدين والدنيا لما حازه من الحضرة الربانية ﴿من أنفسهم﴾ فضلاً عن آبائهم في نفوذ حكمه فيهم ووجوب طاعته عليهم، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرؤا إن شئتم ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ فأي مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه».
وعن جابر أنه ﷺ كان يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فأيما رجل مات وترك ديناً فإليّ، ومن ترك مالاً فهو لورثته» وعن أبي هريرة قال: كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله ﷺ يسأل: هل عليه دين؟ فإن قالوا: نعم قال: هل ترك وفاء لدينه، فإن قالوا: نعم صلى عليه وإن قالوا: لا قال: صلوا على صاحبكم، وإنما لم يصل عليه ﷺ أولاً فيما إذا لم يترك وفاء لأن شفاعته ﷺ لا ترد، وقد ورد إن نفس المؤمن محبوسة عن مقامها الكريم ما لم يوف دينه، وهو محمول على من قصر في وفائه في حال حياته، أما من لم يقصر لفقره مثلاً فلا، كما أوضحت ذلك في شرح المنهاج في باب الرهن.
(٨/٢)


الصفحة التالية
Icon