وفي المائدة: ٦٧ ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ فلا تهتم بمراعاة عدو ولا خليل حقير ولا جليل.
ولما أتم المراد إجمالاً وعموماً وخصه ﷺ من ذلك العموم مبتدئاً به لقوله ﷺ «كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث» بياناً بتشريفه، ولأنه المقصود بالذات أتبعه بقية أولي العزم الذين هم أصحاب الكتب ومشاهير أرباب الشرائع ورتبهم على ترتيبهم في الزمان؛ لأنه لم يقصد المفاضلة بينهم بالتأسية بالمتقدمين والمتأخرين قال ﴿ومن نوح﴾ أول الرسل إلى المخالفين ﴿وإبراهيم﴾ أبي الأنبياء ﴿وموسى﴾ أول أصحاب الكتب من بني إسرائيل ﴿وعيسى بن مريم﴾ ختام أنبياء بني إسرائيل، ونسبه إلى أمه مناداة على من ضل فيه بدعوى الألوهية وبالتوبيخ والتسجيل بالفضيحة.
تنبيه: ذكر هذه الخمسة من عطف الخاص على العام كما علم مما تقرر، وقوله تعالى: ﴿وأخذنا﴾ أي: بعظمتنا في ذلك ﴿منهم ميثاقاً غليظاً﴾ أي: شديداً بالوفاء بما حملوه وهو الميثاق الأول، وإنما كرر لزيادة وصفه بالغلظ وهو استعارة من وصف الأجرام، والمراد: عظم الميثاق وجلالة شأنه في بابه، وقيل: الميثاق الغليظ اليمين بالله على الوفاء بما حملوه ثم أخذ الميثاق.
(٨/٦)


الصفحة التالية
Icon