﴿ولقد كانوا﴾ أي: هؤلاء الذين أسرعوا الإجابة إلى الفرار ﴿عاهدوا الله﴾ الذي لا أَجّلَّ منه ﴿من قبل﴾ أي: من قبل غزوة الخندق ﴿لا يولون الأدبار﴾ أي: لا ينهزمون، وقال يزيد بن رومان: هم بنو حارثة هموا يوم أحد أن يفشلوا مع بني سلمة، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله تعالى أن لا يعودوا لمثلها، وقال قتادة: هم أناس كانوا قد غابوا عن وقعة بدر فرأوا ما أعطى الله تعالى أهل بدر من الكرامة والفضيلة قالوا: لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن، فساق الله تعالى إليهم ذلك، وقال مقاتل والكلبي: هم سبعون رجلاً بايعوا رسول الله ﷺ ليلة العقبة وقالوا: اشترط لربك ولنفسك ما شئت فقال رسول الله ﷺ أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأولادكم قالوا: وإذا فعلنا ذلك فما لنا يا رسول الله قال: لكم النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة قالوا: قد فعلنا، فذلك عهدهم، قال البغوي: وهذا القول، ليس بمرضي لأن الذين بايعوا ليلة العقبة كانوا سبعين نفراً ليس فيهم شاك ولا من يقول مثل هذا القول، وإنما الآية في قوم عاهدوا الله تعالى أن يقاتلوا ولا يفروا فنقضوا العهد. انتهى.
ولما كان الإنسان قد يتهاون بالعهد لإعراض المعاهد عنه قال تعالى: ﴿وكان عهد الله﴾ المحيط بصفات الكمال ﴿مسؤولاً﴾ أي: عن الوفاء به، ثم أمر الله تعالى نبيه ﷺ بقوله تعالى:
(٨/٢١)


الصفحة التالية
Icon