(٨/٣٢)
«لما نسخنا المصحف من المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته بشهادة رجلين من المؤمنين ﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾ فألحقتها في سورتها في المصحف».
﴿ليجزي الله﴾ أي: الذي يريد إظهار جميع صفاته يوم البعث للخاص والعام ظهوراً تاماً ﴿الصادقين﴾ أي: في الوفاء بالعهد وادعاء أنهم آمنوا به ﴿بصدقهم﴾ أي: فيعلي أمرهم وينعمهم في الآخرة فالصدق سبب وإن كان فضلاً منه لأنه الموفق له.
تنبيه: في لام ليجزي وجهان: أحدهما: أنها لام العلة، والثاني: أنها لام الصيرورة وفيما تتعلق به أوجه: إما بصدقوا، وإما بما زادهم، وإما بما بدلوا، وعلى هذا جعل المنافقين كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوا بتبديلهم كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب، فكأنهما استويا في طلبهما والسعي لتحصيلهما ﴿ويعذب المنافقين﴾ أي: الذين أخفوا الكفر وأظهروا الإسلام في الدارين بكذبهم في دعواهم الإيمان المقتضي لبيع النفس والمال ﴿إن شاء﴾ بأن يميتهم على نفاقهم ﴿أو يتوب عليهم﴾ إن شاء بأن يهديهم إلى التوبة فيتوبوا فالكل بإرادته.
تنبيه: جواب إن شاء مقدر، وكذا مفعول شاء أي: إن شاء تعذيبهم عذبهم، وقرأ قالون والبزي وأبو عمر بإسقاط الهمزة الأولى مع المد والقصر، وسهل ورش وقنبل الثانية وأبدلاها أيضاً حرف مد وحققها الباقون وفي الابتداء بالثانية الجميع بالتحقيق.
ولما كانت توبة المنافقين مستبعدة لما يرون من صلابتهم في الخداع وخبث سرائرهم قال معللاً ذلك كله على وجه التأكيد: ﴿إن الله﴾ أي: بما له من الجلال والجمال ﴿كان﴾ أزلاً وأبداً ﴿غفوراً﴾ لمن تاب ﴿رحيماً﴾ بهم، ثم بين تعالى بعض ما جزاهم الله تعالى بصدقهم بقوله تعالى:
(٨/٣٣)


الصفحة التالية
Icon