﴿وأنزل الذين ظاهروهم﴾ أي: عاونوا الأحزاب ﴿من أهل الكتاب﴾ وهم بنو قريظة ومن دخل معهم في حصنهم من بني النضير ﴿من صياصيهم﴾ أي: حصونهم متعلق بأنزل، ومن لابتداء الغاية والصياصي جمع صيصية وهي الحصون والقلاع والمعاقل، ويقال: لكل ما يمتنع به ويتحصن فيه صيصية، ومنه قيل لقرن الثور والظبي ولشوكة الديك صيصية، عن سعيد بن جبير قال: كان يوم الخندق بالمدينة فجاء أبو سفيان بن حرب ومن تبعه من قريش، ومن تبعه من كنانة وعيينة بن حصن، ومن تبعه من غطفان وطليحة، ومن تبعه من بني أسد وبنو الأعور، ومن تبعهم من بين سليم وقريظة، كان بينهم وبين رسول الله ﷺ عهد فنقضوا ذلك وظاهروا المشركين فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم﴾.
وكانت غزوة بني قريظة في آخر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة، وعن موسى بن عقبة أنها في سنة أربع قال العلماء بالسير: إن رسول الله ﷺ لما أصبح في الليلة التي انصرف الأحزاب راجعين إلى بلادهم انصرف رسول الله ﷺ والمؤمنون عن الخندق إلى المدينة ووضعوا السلاح فلما كان الظهر أتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله ﷺ على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس والسرج فقال: ما هذا يا جبريل قال: من متابعة قريش فجعل رسول الله ﷺ يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن سرجه فقال: يا رسول الله إن الملائكة لم تضع السلاح إن الله تعالى يأمرك بالسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم، فإن الله دقهم دق البيض على الصفا وإنهم لك طعمة فأذن في الناس أن من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلي العصر إلا في بني قريظة وقدم رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب برايته إليهم وابتدرها الناس.
(٨/٣٥)


الصفحة التالية
Icon