وعند الآخرين: رجعية. وقال زيد بن ثابت: إذا اختارت الزوج تقع طلقة واحدة، وإن اختارت نفسها فثلاث وهو قول الحسن ورواية عن مالك، وروي عن علي: أنها إذا اختارت زوجها تقع طلقة واحدة رجعية، وإن اختارت نفسها فطلقة بائنة، وأكثر العلماء على أنها إذا اختارت زوجها لا يقع شيء.
وعن مسروق قال: ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفاً بعد أن تختارني. قال الرازي: وهنا مسائل:
منها هل كان هذا التخيير واجباً على النبي ﷺ أم لا، والجواب: أن التخيير كان قولاً واجباً من غير شك لأنه إبلاغ لرسالة لأن الله تعالى لما قال له: قل لهن صار من الرسالة، وأما التخيير معنى فمبني على أن الأمر للوجوب أم لا، والظاهر أنه للوجوب.
ومنها: أن واحدة منهن لو اختارت نفسها وقلنا: إنها لا تبين إلا بإبانة النبي ﷺ فهل كان يجب على النبي ﷺ الطلاق أم لا، الظاهر نظر إلى منصب النبي ﷺ أنه كان يجب لأن الخلف في الوعد من النبي ﷺ غير جائز، بخلاف أحدنا فإنه لا يلزمه شرعاً الوفاء بما يعد.
ومنها: أن المختارة بعد البينونة هل كانت تحرم على غيره أم لا، الظاهر أنها لا تحرم وإلا لم يكن التخيير ممكناً لها من التمتع بزينة الدنيا.
ومنها: أن من اختارت الله ورسوله هل كان يحرم على النبي ﷺ طلاقها أم لا، الظاهر الحرمة نظراً إلى منصب الرسول ﷺ على معنى أن النبي ﷺ لا يباشره أصلاً، لا بمعنى أنه لو أتى به لعوقب أو عوتب انتهى.
ولما خيرهن واخترن الله ورسوله هددهن الله للتوقي عما يسوء النبي ﷺ وأوعدهن بتضعيف العذاب بقوله:
(٨/٤٥)


الصفحة التالية
Icon