﴿أن اعمل سابغات﴾ أي: دروعاً طوالاً واسعات يجرها لابسها على الأرض، وذكر الصفة يعلم منها الموصوف، واختلف في معنى قوله سبحانه وتعالى ﴿وقدر في السرد﴾ أي: نسج الدروع يقال لصانعه: الزراد والسراد فقيل: قدر المسامير في حلق الدروع أي: لا تجعل المسامير غلاظاً فتكسر الحلق ولا دقاقاً فتتقلقل فيها ويقال: السرد المسمار في الحلقة يقال: درع مسرودة أي: مسمورة الحلق ﴿وقدر في السرد﴾ اجعله على القصد وقدر الحاجة وقيل: اجعل كل حلقة مساوية لأختها مع كونها ضيقة لئلاً ينفذ منها سهم، ولتكن في ثخنها بحيث لا يقطعها سيف، ولا تثقل على الدرع فتمنعه خفة التصرف وسرعة الانتقال في الكر والفر والطعن والضرب في البرد والحر، والظاهر ـ كما قال البقاعي ـ أنه لم يكن في حلقها مسامير لعدم الحاجة بإلانة الحديد إليها، وإلا لم يكن بينه وبين غيره فرق ولا كان للإلانة كبير فائدة، وقد أخبر بعض من رأى ما نسب إليه بغير مسامير وقال الرازي: يحتمل أن يقال: السرد هو عمل الزرد وقوله تعالى ﴿وقدر في السرد﴾ أي: أنك غير مأمور به أمر إيجاب إنما هو اكتساب، والكسب يكون بقدر الحاجة، وباقي الأيام والليالي للعبادة فقدر في ذلك العمل ولا تشتغل جميع أوقاتك بالكسب بل حصل به القوت فحسب، ويدل عليه قوله تعالى ﴿واعملوا صالحاً﴾ أي: لستم مخلوقين إلا للعمل الصالح فاعملوا ذلك وأكثروا منه، وأما الكسب فقدروا فيه ثم أكد طلب الفعل الصالح بقوله تعالى: ﴿إني بما تعملون بصير﴾ أي: مبصر فأجازيكم به يريد بهذا داود وآله.
(٩/١٦)


الصفحة التالية
Icon