ولما ذكر تعالى الريح أتبعها ما هو من أسباب تكوينه بقوله تعالى: ﴿وأسلنا﴾ أي: أذبنا بما لنا من العظمة ﴿له عين القطر﴾ أي: النحاس حتى صار كأنه عين ماء فأجريت ثلاثة أيام بلياليهن كجري الماء، وعمل الناس إلى اليوم مما أعطي سليمان ﴿ومن الجن﴾ أي: الذي سترناهم عن العيون من الشياطين وغيرهم عطف على الريح أي: وسخرنا له من الجن ﴿من يعمل بين يديه﴾ أي: قد أمكنه الله تعالى منهم غاية الإمكان في غيبته وحضوره ﴿بإذن﴾ أي: بأمر ﴿ربه﴾ أي: بتمكين المحسن إليه ﴿ومن يزغ﴾ أي: يمل ﴿منهم عن أمرنا﴾ أي: عن أمره الذي هو من أمرنا ﴿نذقه من عذاب السعير﴾ أي: النار أي: في الآخرة وقيل: في الدنيا بأن يضربه ملك بسوط منها ضربة يحرقه، وهذا كما أمكن نبينا ﷺ من ذلك العفريت فخنقه وهم بربطه حتى تلعب به صبيان المدينة، ثم تركه تأدباً مع أخيه سليمان عليه السلام فيما سأل الله تعالى فيه، وأما الأعمال التي يدور عليها إقامة الدين فأغناه الله تعالى فيها عن الجن بالملائكة الكرام عليهم السلام وسلط جمعاً من صحابته على جماعة من مردة الجان منهم أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: «لما وكله النبي ﷺ بحفظ زكاة رمضان»، ومنهم أبي بن كعب قبض على شخص منهم كان يسرق من تمره وقال: لقد علمت الجن ما فيهم من هو أشد مني، ومنهم معاذ بن جبل لما جعله النبي ﷺ على صدقة المسلمين فأتاه شيطان يسرق وتصور له بصور منها صورة فيل، فضبطه والتفت يداه عليه وقال له: يا عدو الله فشكا له الفقر وأخبره أنه من جن نصيبين، وأنهم كانت لهم المدينة فلما بعث النبي ﷺ أخرجهم منها، وسأله أن يخلي عنه على أن لا يعود، ومنهم بريدة، ومنهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، ومنهم زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه صارع الشيطان فصرعه عمر، ومنهم عمار بن ياسر قاتل الشيطان فصرعه عمار


الصفحة التالية
Icon