(٩/٢١)
اثنتين، وأنا أرجو أن يكون أعطاه الثالثة سأله حكماً يصادف حكمه فأعطاه إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أن لا يأتي هذا البيت أحد يصلي فيه ركعتين إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وأنا أرجو أن يكون قد أعطاه ذلك» قالوا: فلم يزل بيت المقدس على ما بناه سليمان حتى غزاه بختنصر فخرب المدينة وهدمها ونقض المسجد وأخذ ما كان في سقوفه وحيطانه من الذهب والفضة والدر والياقوت وسائر الجواهر إلى دار ملكه من أرض العراق، وبنى الشياطين باليمن لسليمان حصوناً كثيرة عجيبة من الصخر ﴿وتماثيل﴾ جمع تمثال، وهو كل شيء مثلته بشيء أي: كانوا يعملون له تماثيل أي: صوراً من نحاس وزجاج ورخام ونحو ذلك.
فإن قيل: كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير؟ أجيب: بأن هذا مما يجوز أن تختلف فيه الشرائع لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب، وعن أبي العالية لم يكن اتخاذ التصاوير إذ ذاك محرماً، ويجوز أن تكون غير صور الحيوان كصور الأشجار ونحوها، لأن التمثال كل ما صوره على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان، أو بصور محذوفة الرؤوس، روي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه، ونسرين في أعلاه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما وقيل: كانوا يتخذون صور الأنبياء والملائكة والصالحين في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة قيل: إن هذا كان أول الأمر، فلما تقادم الزمن قال لهم إبليس: إن آباءكم كانوا يعبدون هذه الصور فعبدوا الأصنام ولم تكن التصاوير ممنوعة في شريعتهم كما أن عيسى عليه السلام كان يتخذ صوراً من الطين فينفخ فيها فتكون طيراً.
(٩/٢٢)


الصفحة التالية
Icon