وقوله تعالى ﴿كلوا من رزق ربكم﴾ أي: المحسن إليكم الذي أخرج لكم منهما ما تشتهون ﴿واشكروا له﴾ أي: خصوه بالشكر بالعمل في كل ما يرضيه ليديم لكم النعمة حكاية لما قال لهم نبيهم، أو لسان الحال أو دلالة بأنهم كانوا أحقاء بأن يقال لهم ذلك، ثم استأنف تعظيم ذلك بقوله ﴿بلدة طيبة﴾ أي: حسنة التربة ليس بها سباخ، حسنة الهواء سليمة من الهوام ليس فيها بعوضة ولا ذبابة ولا برغوث ولا عقرب ولا حية يمر الغريب بها وفي ثيابه القمل فيموت من طيب هوائها، وأشار إلى أنه لا يقدر أحد أن يقدره حق قدره بقوله تعالى: ﴿ورب غفور﴾ أي: لذنب من شكره وتقصيره فلا يعاقب عليه ولا يعاتب قال البقاعي: وأخبرني بعض أهل اليمن أنها اليوم مفازة قرب صنعاء قال: وفي بعضها عنب يعمل منه زبيب كبار جداً في مقدار دربلي بلاد الشام، وهو في غاية الصفاء كأنه قطع المصطكي وليس له نوى أصلاً انتهى.
ولما تسبب عن هذا الإنعام بطرهم الموجب لإعراضهم عن الشكر دل على ذلك بقوله تعالى:
﴿فأعرضوا﴾ أي: عن الشكر فكفروا قال وهب: أرسل الله تعالى إلى سبأ ثلاثة عشر نبياً فدعوهم إلى الله تعالى وذكروهم نعم الله تعالى عليهم وأنذروهم عقابه فكذبوهم وقالوا: ما نعرف لله تعالى علينا من نعمة فقولوا لربكم: فليحبس هذه النعمة عنا إن استطاع.
(٩/٣٠)


الصفحة التالية
Icon