﴿قل﴾ أي: يا أعلم الخلق بإقامة الأدلة لهؤلاء الذين أشركوا من لا يشك في حقارته من له أدنى مسكة ﴿ادعوا الذين زعمتم﴾ أي: أنهم آلهة كما تدعون الله تعالى لا سيما في وقت الشدائد، وحذف مفعولي زعم وهما ضميرهم وآلهة تنبيهاً على استهجان ذلك واستبشاعه وليس المذكور في الآية مفعول زعم ولا قائماً مقام المفعول لفساد المعنى، وبين حقارتهم بقوله تعالى: ﴿من دون الله﴾ أي: الذي حاز جميع، العظمة والمعنى: ادعوهم فيما يهمكم من جلب نفع أو دفع ضر لعلهم يستجيبون لكم إن صحت دعواكم، ثم أجاب عنهم إشعاراً بتعين الجواب وأنه لا يقبل المكابرة فقال: ﴿لا يملكون مثقال ذرة﴾ من خير أو شر ﴿في السموات ولا في الأرض﴾ أي: في أمر ما، وذكرهما للعموم العرفي، أو لأن آلهتهم بعضها سماوية كالملائكة والكواكب، وبعضها أرضية كالأصنام، أو لأن الأسباب القريبة للخير والشر سماوية وأرضية، والجملة استئناف لبيان حالهم.
ولما كان هذا ظاهراً في نفي الملك الخاص عن ثبوت المشاركة نفى المشاركة أيضاً بقوله تعالى: مؤكداً تكذيباً لهم فيما يدعونه ﴿وما لهم﴾ أي: الآلهة ﴿فيهما﴾ أي: في السموات والأرض ولا في غيرهما، ولا في فيما فيهما، وأغرق في النفي بقوله تعالى: ﴿من شرك﴾ أي: شركة لا خلقاً ولا ملكاً ﴿وماله﴾ أي: الله ﴿منهم﴾ وأكد النفي بإثبات الجار فقال ﴿من ظهير﴾ أي: معين على شيء مما يريده من تدبير أمرهما وغيرهما فكيف يصح مع هذا لعجز أن يدعوا كما يدعي، ويرجوا كما يرجي ويعبدوا كما يعبد.v
ولما كان قد بقي من أقسام النفع الشفاعة وكان المقصود منها أثرها لا عينها نفاه بقوله تعالى:
(٩/٤١)


الصفحة التالية
Icon