تنبيه: ذكر تعالى في الهدى كلمة على، وفي الضلال كلمة في، لأن المهتدي كأنه مرتفع مطلع فذكر بكلمة التعالي فكأنه مستعل على فرس جواد يركضه حيث شاء، والضال منغمس في الظلمة غريق فيها فأتى بكلمة في فكأنه منغمس في ظلام مرتبك فيه لا يدري أين يتوجه قال البغوي: وقال بعضهم: أو بمعنى الواو والألف فيه صلة كأنه يقول: وإنا وإياكم لعلى هدى وفي ضلال مبين يعني: نحن على الهدى وأنتم في الضلال.
﴿قل﴾ أي: لهم ﴿لا تسألون﴾ أي: من سائل ما ﴿عما أجرمنا﴾ أي: لا تؤاخذون به ﴿ولا نسأل﴾ أي: في وقت من الأوقات من سائل ما ﴿عما تعملون﴾ أي: من الكفر والتكذيب وهذا أدخل في الإنصاف وأبلغ في التواضع حيث أسندوا الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين، وقيل: المراد بالإجرام الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن، وبالعمل الكفر والمعاصي العظام.
﴿قل﴾ أي: لهم ﴿يجمع بيننا ربنا﴾ أي: يوم القيامة ﴿ثم يفتح﴾ أي: يحكم ﴿بيننا بالحق﴾ أي: الأمر الثابت الذي لا يقدر أحد منا ولا منكم على التخلف عنه وهو العدل والفضل من غير ظلم ولا ميل، فيدخل المحقين الجنة والمبطلين النار ﴿وهو الفتاح﴾ أي: الحاكم الفاصل في القضايا المغلقة البليغ الفتح لما انغلق فلا يقدر أحد على فتحه ﴿العليم﴾ أي: البليغ العلم بكل دقيق وجليل فلا تخفى عليه خافية.
﴿قل﴾ أي: لهم ﴿أروني﴾ أي: أعلموني ﴿الذين ألحقتم به﴾ أي: بالله ﴿شركاء﴾ أي: في العبادة هل يخلقون وهل يرزقون وقوله تعالى: ﴿كلا﴾ أي: لا يخلقون ولا يرزقون ردع لهم عن مذهبهم بعد ما كسره بإبطال المقايسة كما قال إبراهيم عليه السلام ﴿أف لكم ولما تعبدون من دون الله﴾ (الأنبياء: ٦٧)
(٩/٤٧)