ثم أخبر عن عاقبة أمرهم ومآلهم في الآخرة فقال تعالى لرسوله ﷺ أو للمخاطب: ﴿ولو﴾ أي: والحال أنك لو ﴿ترى﴾ أي: يوجد منك رؤية لحالهم ﴿إذا الظالمون﴾ أي: الذين يضعون الأشياء في غير محالها فيصدقون آباءهم لإحسان يسير مكدر من غير دليل، ولا يصدقون ربهم الذي لا نعمة عندهم ولا عند آبائهم إلا منه ﴿موقوفون﴾ أي: بعد البعث بأيدي جنوده أو غيرها بأيسر أمر منه ﴿عند ربهم﴾ أي: في موضع المحاسبة ﴿يرجع بعضهم﴾ أي: على وجه الخصام عداوة كان سببها مواددة في الدنيا بطاعة بعضهم لبعض في معاصي الله تعالى ﴿إلى بعض القول﴾ أي: بالملامة والمباكتة والمخاصمة.
تنبيه: مفعول ترى وجواب لو محذوفان للفهم أي: لو ترى حال الظالمين وقت وقوفهم راجعاً بعضهم إلى بعض القول لرأيت حالاً فظيعة وأمراً منكراً ويرجع حال من ضمير موقوفون، والقول مفعول يرجع، لأنه يتعدى قال تعالى: ﴿فإن رجعك الله﴾ (التوبة: ٨٣)
وقوله تعالى ﴿يقول الذين استضعفوا﴾ أي: وقع استضعافهم ممن هو فوقهم في الدنيا وهم الأتباع في تلك الحال على سبيل اللوم ﴿للذين استكبروا﴾ أي: أوجدوا الكبر وطلبوه بما وجدوا من أسبابه التي أدت إلى استضعافهم للأولين وهم الرؤوس المتبوعون ﴿لولا أنتم﴾ أي: لولا ضلالكم وصدكم إيانا عن الإيمان ﴿لكنا مؤمنين﴾ أي: باتباع الرسول تفسير لقوله تعالى: ﴿يرجع﴾ فلا محل له قال ابن عادل: وأنتم بعد لولا مبتدأ على أصح المذاهب وهذا هو الأفصح أعني وقوع ضمائر الرفع بعد لولا أي: وغيره فصيح خلافاً للمبرد حيث جعل خلاف هذا لحناً، وأنه لم يرد إلا في قول زياد: وكم موطن لولاي وإلا قيس جعل الياء ضمير نصب أو جر قام مقام ضمير الرفع وسيبويه جعله ضمير جر.
ولما لم يتضمن كلامهم سوى قضية واحدة ذكر الجواب عنها بقوله تعالى:
(٩/٥١)