ولما بين بهذا البسط أن فعله بالاختيار بعد أن بين بالأول كذبهم في أنه سبب السلامة من النار دل على أنه الفاعل لا غيره بقوله تعالى: ﴿وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه﴾ أي: فهو يعوضه لا معوض سواه إما عاجلاً بالمال، أو بالقناعة التي هي كنز لا ينفد، وإما آجلاً بالثواب الذي كل خلف دونه، وعن سعيد بن جبير ما كان في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه، وعن الكلبي ما تصدقتم من صدقة أو أنفقتم في خير من نفقة فهو يخلفه على المنفق، إما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وعن مجاهد من كان عنده من هذا المال ما يقيمه فليقتصد، فإن الرزق مقسوم، ولعل ما قسم له قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه فينفق جميع ما في يده ثم يبقى طول عمره في فقر ولا يتأول ﴿وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه﴾ (سبأ: ٣٩)
(٩/٥٩)


الصفحة التالية
Icon