﴿قل﴾ أي: لهؤلاء المعاندين على سبيل الاستعطاف بما في قولك من الإنصاف وتعليم الأدب ﴿إن ضللت﴾ أي: عن الطريق على سبيل الفرض ﴿فإنما أضل على نفسي﴾ أي: إثم إضلالي عليها ﴿وإن اهتديت فبما﴾ أي: فاهتدائي إنما هو بما ﴿يوحى إلي ربي﴾ أي: المحسن إلي من القرآن والحكمة لا بغيره فلا يكون فيه ضلال لأنه لاحظ للنفس فيه أصلاً، فإن قيل: أين التقابل بين قوله تعالى: ﴿فإنما أضل على نفسي﴾ وقوله تعالى: ﴿فيما يوحي إلى ربي﴾ وإنما كان يقال: فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فإنما اهتدى لها كقوله تعالى ﴿من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها﴾ (فصلت: ٤٦)
وقوله تعالى: ﴿فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها﴾ (الزمر: ٤١)
أو يقال فإنما أضل نفسي أجيب: بأنهما متقابلان من جهة المعنى لأن النفس كل ما عليها فهو بسببها لأنها الأمارة بالسوء وما لها مما ينفعها فبهداية ربه وتوفيقه وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر رسول الله ﷺ أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلاله محله وسداد طريقه كان غيره أولى به، وفتح الياء من ربي عند الوصل نافع وأبو عمرو الباقون بالسكون وهم على مراتبهم في المد، ثم علل الضلال والهداية بقوله تعالى: ﴿إنه﴾ أي: ربي ﴿سميع﴾ أي: لكل ما يقال ﴿قريب﴾ أي: يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله وإن أخفاه.
(٩/٧٠)
ولما أبطل تعالى شبههم وختم من صفاته بما يقتضي البطش بمن خالفه عطف على ﴿ولو ترى إذ الظالمون﴾.


الصفحة التالية
Icon