﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون﴾ أي: من نفع الإيمان يومئذ والنجاة من النار والفوز بالجنة، أو من الرد إلى الدنيا كما حكى عنهم ﴿أرجعنا نعمل صالحاً﴾، وقرأ ابن عامر والكسائي بضم الحاء وهو المسمى بالإشمام والباقون بكسرها ﴿كما فعل﴾ أي: بأيسر وجه ﴿بأشياعهم﴾ أي: أشباهم من كفرة الأمم ومن كان مذهبه مذهبهم ﴿من قبل﴾ أي: قبل زمانهم فإن حالهم كان كحالهم، ولم يختل أمرنا في أمة من الأمم بل كان كلما كذب أمة رسولها أخذناها فإذا أذقناهم بأسنا أذعنوا وخضعوا فلم يقبل منهم ذلك ولا نفعهم شيئاً لا بالكف عن إهلاكهم ولا لإدراكهم شيئاً من الخير بعد إهلاكهم ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ (ق: ٣٧)
ثم علل عدم الوصول إلى قصدهم بقوله تعالى: مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم شيء من شك في شيء من أمرهم ﴿إنهم كانوا﴾ أي: في دار القبول ﴿في شك﴾ أي: في جميع ما تخبرهم به رسلنا عنا من الجزاء والبعث وغير ذلك ﴿مريب﴾ أي: موقع في الريبة فهو بليغ في بابه كما يقال: عجب عجيب أو هو واقع في الريب كما يقال: شعر شاعر أي: ذو شعر فهو اسم فاعل من أراب أي: أتى بالريب أو دخل فيه أي: أوقعته في الريب، ونسبة الإرابة إلى الشك مجاز قال الزمخشري: إلا أن بينهما فرقاً وهو أن المريب من المتعدي منقول ممن يصح أن يكون مريباً من الأعيان إلى المعني، ومن اللازم منقول من صاحب الشك إلى الشك كما تقول شعر شاعر انتهى، وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن رسول الله ﷺ «من قرأ سورة سبأ لم يبق نبي ولا رسول إلا كان له يوم القيامة رفيقاً ومصافحاً» حديث موضوع.
سورة فاطر
مكية هي ست وأربعون آية، ومائة وسبعةوتسعون كلمة، وثلاثة آلاف ومائة وثلاثون حرفاً
(٩/٧٣)