ولما أمر بذكر نعمته أكد التعريف بأنها منه وحده على وجه بين عزته وحكمته بقوله تعالى منبهاً لمن غفل موبخاً لمن جحد ورادَّاً على أهل القدر الذين يدعون أنهم يخلقون أفعالهم ومنبهاً على نعمة الإيجاد الأول ﴿هل من خالق﴾ أي: للنعم وغيرها ﴿غير الله﴾ أي: فليس لغيره في ذلك مدخل يستحق أن يشرك به، وقرأ حمزة والكسائي بكسر الراء نعتاً لخالق على اللفظ ومن خالق مبتدأ مزاد فيه من، والباقون بالرفع وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه خبر المبتدأ، والثاني: أنه صفة لخالق على الموضع والخبر إما محذوف وإما يرزقكم. والثالث: أنه مرفوع باسم الفاعل على جهة الفاعلية؛ لأن اسم الفاعل قد اعتمد على أداة الاستفهام.
(٩/٧٨)
ولما كان جواب الاستفهام قطعاً لا بل هو الخالق وحده قال منبهاً على نعمة الإبقاء الأول بقوله تعالى: ﴿يرزقكم﴾ أي: وحده فنعمة الله تعالى مع كثرتها منحصرة في قسمين: نعمة الإيجاد، ونعمة الإبقاء.
ولما كانت كثرة الرزق كما هو مشاهد مع وحدة المنبع أدل على العظمة قال ﴿من السماء﴾ أي: بالمطر وغيره ﴿والأرض﴾ أي: بالنبات وغيره.
ولما بين تعالى أنه الرازق وحده قال ﴿لا إله إلا هو فأنىَّ تُؤفكون﴾ أي: من أين تصرفون عن توحيده مع إقراركم بأنه الخالق الرازق وتشركون المنحوت بمن له الملكوت.
ولما بين تعالى الأصل الأول وهو التوحيد ذكر الأصل الثاني وهو الرسالة بقوله تعالى:
(٩/٧٩)


الصفحة التالية
Icon